يوسف زيدان: الأيوبي قتل السهروردى لتكفير الفقهاء له «دون تحقيق»
أجاب الكاتب يوسف زيدان عن سؤاله الذي طرحه الخميس الماضي عن العلاقة بين شهاب الدين السهروردى وصلاح الدين الأيوبي ولماذا قتله الأيوبي دون محاكمة.
وجاءت إجابة زيدان عبر حسابه الخاص بموقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك" على النحو التالى:
طبعًا، سيقول المتسرعون: لأنه كان شيعيًا !.. مع أن مؤلفات السهرودي بين أيدينا، وليس فيها أي شيء يدل على شيعية أو مذهبية.
هناك شواهد عديدة، تدل على أن المستبدين في بداية أمرهم، يتحالفون مع الجماعات الدينية المتعصّبة للاستفادة من تأثيرهم على عوام الناس. رأينا ذلك حديثًا في تحالف عبد الناصر مع الإخوان ثم بطشه بهم، وفي تحالف السادات مع الجماعات الإسلامية لقهر اليساريين ثم قتلهم له اغتيالًا في اليوم المشهود، وفي تحالف المجلس العسكري مع الإخوان ثم إطاحته بهم.. وقديما، رأينا ذلك في استرضاء الحاكم الأندلسي "يعقوب المنصور" لفقهاء المالكية المتعصبين، على حساب الفيلسوف ابن رشد الذي حُكم عليه بالنفي. وفي استعانة الصفويين بالشيعة الإثنى عشرية لإذكاء حربهم مع العثمانيين، السنة، وإلباس القتال ثوبًا مقدسًا ليصير أعتى.
وكان صلاح الدين يسترضي فقهاء السنة، للاستعانة بهم في الإطاحة بالدولة الفاطمية ووراثة ممتلكاتها.. وفي الوقت الذي كان فيه متسامحًا جدًا مع الفيلسوف اليهودي "موسى بن ميمون" كان جهولًا جدًا في تعامله مع الفيلسوف المسلم البديع، العبقري، الذي كان عمره يوم مقتله 36 سنة: شهاب الدين السهروردي، صاحب المؤلفات المبهرة التي لا يقدر الجهولون على فهم سطرٍ واحدٍ منها.
في حلب اغتاظ الفقهاء من السهروردي، وناظروه، فغلبهم.. فبعثوا برسالة إلى صلاح الدين الذي كان وقتها بالقاهرة، قالوا فيها إن السهروردي كافر ! ودون عقد محاكمة، أو تحقيق، أو حتى استشارة.. بعث صلاح الدين إلى ولده الملك الظاهر، حاكم حلب، رسالة جاء فيها إن هذا الشهاب السهروردي لا بد من قتله، ولا سبيل أن يطلق، ولا يبقى بوجه من الوجوه.
ولما بلغ السهروردي الأمر، لم يشأ أن يحمل أحد المسلمين وزر مقتله، فامتنع عن الطعام (وقيل عن التنفس) حتى مات.. ولايزال قبره موجودًا عند سفح قلعة حلب، وقد زرته قبل سنوات، وأظن أن أحفاد صلاح الدين المتناحرين اليوم في سوريا زاعمين أن حربهم هي لتحرير القدس ! قد خرّبوه.. ليت الأحبة في حلب، يخبروننا بما آل إليه قبرُ السهروردي عندهم.