رئيس التحرير
عصام كامل

جابر نصار: «عايز أرجع لنفسي»


منذ ما يقرب من عامين، عقد منتدي حوار الثقافات بالهيئة الإنجيلية للخدمات الاجتماعية، تحت عنوان "المصريون يصنعون المستقبل"، ووجهت الدعوة للمشاركة في أعماله لعدد كبير من الخبراء في مجالات عديدة، للتعرف على رؤية كل منهم، لكيفية عبور التحديات في مجال تخصصه.. والانطلاق نحو المستقبل.


وكان من بين المحاضرين في المؤتمر الدكتور جابر نصار رئيس جامعة القاهرة، ليتحدث عن التحديات التي تواجه التعليم الجامعي في مصر.. وكيف يتحقق الإصلاح للانطلاق نحو المستقبل.


ولم يتوقف نصار عند قضية التعليم الجامعي، وإنما قام برصد أحوال مصر بعد ثورتين، وأشار إلى أن هناك انقساما في الرؤى.. والعقل.. والتوجه ولدينا مناطق قوة.. ومناطق ضعف.


وأشار إلى أن المصريين لن يبنوا مستقبلهم المنشود في أطر ديمقراطية.. مثل الانتخابات أو حتى وفقا للنصوص الدستورية بعد أن خضعت لفترة من الزمن تقارب نصف قرن لموجة ضاعفت من صناعة التطرف.. كل شيء في مصر متطرف.. تطرف في الانحدار في التعليم والثقافة والفنون.. وقد أصبح التطرف صناعة مصرية تحتاج إلى مراجعة، ولابد أن نواجه أمراضنا الفكرية بشجاعة اللحظة التي نعيشها.. بالدراسة وليس بالفهلوة، وأشار إلى أنه ليس لدينا رؤية في صناعة المستقبل.


وخلال المحاضرة أعلن نصار لأول مرة أنه لن يتقدم للترشيح لمنصب رئيس جامعة القاهرة مرة ثانية.. وقال: أمامي ٢٤ شهرا.. أعدها باليوم.. حتى أرجع لنفسي.


لم يتوقف النقاش بين النخبة التي شاركت في المؤتمر حول الأسباب التي دعت نصار إلى الإعلان المبكر عن نواياه في عدم الترشح، ومحاولة الربط بين الرؤية التي يقدمها في محاضرته لتشخيص الواقع المصري، بنبرة لا تخلو من الحزن، وما أشار إليه في أكثر من موقع من المحاضرة عن غياب الحلم المصري.. والرؤية المستقبلية، وأن التطرف أصبح صناعة مصرية.


وبعد مرور عامين من تلك المحاضرة واقتراب موعد انتخاب رئيس للجامعة وإصرار نصار على موقفه، تتعدد التكهنات حول الأسباب التي دفعته لاتخاذ هذا الموقف، بعد النجاح الكبير الذي حققه في إدارة الجامعة، بما لم يسبقه إليه رئيس سابق لجامعة القاهرة.


قيل إن الحكومة لا ترغب في استمراره رئيسا للجامعة، وقد عبر وزير التعليم العالي في تعقيبه على القرارات الجادة التي اتخذها نصار بأنها تشعل الفتنة! وقيل إن الذين أضيروا من موقفه الحاسم ضد الفساد.. والحفاظ على المال العام، أضر بمصالح عديدة للعاملين ما دفعهم إلى استعجال رحيله.. وقيل إن المتعصبين من الأساتذة لم يخفوا معارضتهم لقراراته الإصلاحية، وفي مقدمتها إلغاء خانة الديانة من الأوراق التي تقدم للجامعة.


وقيل إن رؤساء الجامعات الأخرى يشعرون بالغيرة والتقصير، بسبب المقارنة الدائمة بينهم وبين جابر نصار. وقد تكون تلك التكهنات التي تعكس مدي الحرص على بقاء نصار في موقعه صحيحة، وقد يكون بعضها غير صحيح ويبقي أنه من حق نصار الانسحاب من موقعه في الوقت الذي يراه مناسبا، ويبدو أننا لم نعتد بعد على تخلي كبار المسئولين عن مواقعهم.. التي توفر لهم مزايا مادية وأدبية.. باختصار.. الرجل يريد أن يعود إلى نفسه.. وهذا حقه.
الجريدة الرسمية