شركات التأمين تواجه زلزال «التعويم» بسيناريو «زيادة الأقساط».. ومخاوف من هروب العملاء.. وليد مصطفى: خسارة شريحة من العملاء بعد رفع الأسعار وارد.. وإعادة تقييم الأصول في صالح الشركا
"التضخم" يُعرف بأنه إجمالي معدل زيادة أسعار السلع والخدمات في اقتصاديات الدول خلال فترة زمنية معينة، وهو مقياس لتخفيض قيمة العملة، ويمثل ارتفاع أسعار السلع والخدمات داخل الاقتصاد، الوجه الأبرز للتضخم، حيث تصبح القوة الشرائية للعملة الوطنية أقل، وتنخفض القوة الشرائية للمال.
قطاعات عريضة تأثرت بزيادة معدلات التضخم، على خلفية القرارات الإصلاحية التي اتخذتها حكومة المهندس شريف إسماعيل، وفي مقدمتها قرارها بتحرير سعر الصرف، المعروف إعلاميا بـ"تعويم الجنيه".
خدمات قطاع التأمين، كانت بين الخدمات التي ارتفعت تكلفتها في أعقاب قرار "التعويم"، وزادت أقساط "خدمات التأمين الطبى والسيارات والحريق والنقل البحرى بنسب تتراوح بين 40% و100%، وهو أمر من الممكن أن يدفع العديد من العملاء للتخلى عن إبرام وثائق جديدة مراعاة لمبدأ أولويات الحياة.
مشكلات عديدة
قال الدكتور شريف فتحى، العضو المنتدب لشركة عناية للتأمين الطبى والرعاية الصحية: شركات التأمين في مصر واجهت منذ صدور قرار تحرير سعر الصرف مشكلات عديدة دفعتها لاتخاذ إجراءات إعادة تقييم الأصول والخدمات المقدمة لعملائها، فانتفضت كل القطاعات لإعادة تسعير الأقساط.
وأضاف: على سبيل المثال قطاع التأمين الطبى قرر اتخاذ إجراءات من شأنها زيادة قيمة الأقساط بنسب تتراوح بين 30% و100% في العقود الجديدة والصادرة خلال عام 2017، في حين أن الأسعار القديمة تسرى فقط على وثائق العملاء التي لم تنته، على أن يتم تسعير كل العقود قبل نهاية شهر نوفمبر 2017 ليتعامل العملاء وفقا للأسعار الجديدة، والشركات من جانبها عقدت حوارا مع مقدمى الخدمة ومتلقى الخدمة للوصول لحلول تضمن لها عدم التعرض للخسارة نتيجة ارتفاع تكلفة الفحوصات والكشف والأدوية والعمليات الجراحية، وفى الوقت ذاته تضمن للعملاء الحصول على خدمة جديدة.
تأمين طبى
وتابع: ينبغى الإشارة هنا إلى أن قرار "التعويم" وزيادة سعر الدواء كلف شركات التأمين الطبى ارتفاعا في قيمة الأدوية التي تصرفها لعملائها الذين يمتلكون وثائق تأمين طبى بنسبة تجاوزت 40%، وهو ما أدى إلى أن هناك بعض الشركات توقفت عن تقديم الخدمة وبعضها لم يعد يلتزم بتقديم خدمة جيدة نظرا للخسائر التي تكبدتها، مع الأخذ في الاعتبار أن قرار تحرير سعر الصرف جاء بعد إبرام كثير من العقود أو الوثائق التي تستمر لمدة عام قبل تجديدها.
وأكمل: عقب اتخاذ الشركات قرارا برفع أسعار الوثائق والأقساط أصبح متوقعا أن يحدث انكماشا في عدد العملاء المشتركين في التأمينات بشكل عام التأمين الطبى خاصة، وهناك بعض الشركات التي تسعى لاستقطاب العملاء بأسعار رخيصة وهو ما يمثل حرقا للأسعار، إلا أن هذا الاتجاه من الممكن أن يكبد الشركات تلك خسائر فادحة وإفلاس نتيجة ارتفاع تكلفة الخدمات المقدمة للعملاء.
أسعار الوثائق
في ذات السياق قال وليد سيد مصطفى، نائب العضو المنتدب للشئون الفنية بشركة المشرق العربى للتأمين: العملاء سيلجأون لتخفيض قيمة المبالغ التأمينية، وبالتالى عدم الإقبال على شراء الوثائق، وهناك إيجابيات وسلبيات لقرار شركات التأمين بإعادة هيكلة أسعار الوثائق، وأهم الإيجابيات تتمثل في زيادة عائدات شركات تأمين الممتلكات نظرا لقيامه بإعادة تقييم الأصول وفقا للأسعار الجديدة، ما يؤدى إلى ارتفاع حصيلة الأقساط الخاصة مقارنة بالسنوات السابقة.
أما أبرز السلبيات الناتجة عن قيام الشركات برفع أسعار الوثائق والأقساط – والحديث لا يزال لـ"نائب العضو المنتدب للشئون الفنية بشركة المشرق العربى للتأمين"- تتمثل في فقدان قطاع التأمين لشريحة كبيرة من العملاء الذين لن يستطيعوا مواكبة الأسعار الجديدة نتيجة ارتفاع تكلفة الخدمات والأدوية في التأمين الطبى والأقساط ببقية قطاعات التأمين، وبالتالى فإنهم سيلجأون لإعادة تقييم وترتيب أولوياتهم خاصة مع ارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية، كما أن انخفاض مستويات المعيشة وعدم وجود وعى تأمينى لدى المواطنين سيكون الدافع الأكبر للتخلى على إبرام وثائق للتأمين خاصة في المرحلة الحالية.
وتابع: إلى جانب ما سبق يمكن الإشارة هنا إلى أن استمرار أزمة الدولار ووجود محاذير على الاستيراد والتصدير، ولجوء العديد من المصانع للعمل بنصف الطاقة أثرت بالسلب في قطاع التأمين البحرى والحريق، وقطاع الحريق من بين القطاعات التي تأثرت ولجأ القائمون على إدارته بشركات التأمين على تعديل وهيكلة أقساطه للتماشى مع الظروف الاقتصادية الراهنة ما قد يؤدى إلى تغيير خريطة العملاء الذين يتمتعون بهذه، والقطاع سيفقد شريحة من العملاء نتيجة التضخم، وهو أمر مؤقت، لحين استقرار الأوضاع.
التأمين الإجباري
وقال مصطفى الصاوى، رئيس قطاع تأمينات السيارات بالمجموعة العربية المصرية للتأمين: لن تتأثر تأمينات السيارات الإجبارى بقرار التعويم أو ارتفاع معدلات التضخم، والقيمة التي حددها القانون بنحو 40 ألف جنيه في حالة الوفاة تسدد لورثة المتوفى نتيجة حادث سيارة، كما أن القسط ثابت ويتم تسديده في إدارات المرور لإنهاء إجراءات التراخيص والتجديد، أما التأمين التكميلى تأثر بقرارات التعويم، وما نتج عنه من ارتفاع معدلات التضخم.
وأوضح: أسعار السيارات تضاعفت ما أدى إلى اتخاذ شركات التأمين قرارا بزيادة الأقساط وفقا لنسبة الزيادة في الأسعار، واتحاد التأمين ناشد كل عملاء شركاته الأعضاء بضرورة إعادة التقييم للأصول والممتلكات المؤمن عليها من مبان وسيارات وآلات ومخزون وخلافه طبقًا لأسعار السوق الحالية وسرعة موافاة الشركات بالقيم الجديدة لإعادة النظر في القيم التأمينية بالوثائق المصدرة، حتى لا يتم تطبيق شرط النسبية.
وأضاف: السيارة التي كانت قيمتها قبل قرار التعويم 65 ألف جنيه ارتفعت لنحو 150 ألف جنيه، وهو ما يعنى أن قيمة الجنيه انخفضت ما بين 40 و60%، ووفقًا لآليات العرض والطلب بالبنوك نتج عن التعويم انخفاض قيمة الجنيه ما ترتب عليه انخفاض قيمة مبالغ الـتأمين المدرجة بالوثائق المصدرة للعملاء والتي أصبحت لا تعبر عن القيمة الحقيقية للأصول.
وأنهى حديثه بقوله: إن وثائق التأمين المحلية والعالمية تشتمل على شرط النسبية في التعويض والذي يقضى بأن تكون قيمة الأشياء المؤمن عليها وقت تحقق الخطر المؤمن ضده مساوية للمبلغ المؤمن به في الوثيقة، ولا يتحمل المؤمن له "العميل" نسبة من الخسائر بقدر النسبة بين المبلغ المؤمن به وبين القيمة السوقية للأشياء المؤمن عليها وقت وقوع الخطر واستحقاق التعويض.