رئيس التحرير
عصام كامل

خليفة المسلمين الأمريكي ربما لن يبقى رئيسا لبلاده


من المؤكد أن إبراهيم البغدادي، زعيم داعش، ورأس الخلافة الوهمية التي تحارب ٦٠ دولة من داخل العراق وسوريا وليبيا وأوروبا، فشل فشلا ذريعا في قبول أوراق اعتماده الملطخة بالدم ليكون خليفة على الأمة العربية والإسلامية، وهو يحق له أن يضاعف ضغينته ومقته الراسخ تجاه رجل أعمال قفز إلى المقعد الأول في العالم في حملة شعبوية، فقلب موازين القوى داخل النخبة السياسية في واشنطن، بل أطاح بتقاليد رئاسية موضع تقديس لعقود طويلة وأربك حسابات أوروبا وأخضع خزائن النفط في الشرق الأوسط لصفقات أمنية فجة.


سوف يطير ترامب إلى المملكة العربية السعودية، ليعقد ثلاث قمم متتالية متداخلة، كل قمة هي مفتاح لما بعدها، تبدأ بقمته مع الملك سلمان، وبعدها قمته مع ملوك وأمراء دول مجلس التعاون الخليجي، وبعدها تبدأ أم القمم، التي تحضرها 50 دولة عربية وإسلامية، من بينها «مصــــر» التي لا ينبغي أن تغيب كما نادت أصوات قاصرة الرؤية، ويشارك فيها الخليفة الأمريكي. 

سعي العرب إلى تتويج الرئيس الأمريكي إمامًا للسنة لمواجهة المد الشيعي المسيس المنطلق من رحم إيران الإرهابية.. فهل لا يعلمون حقا أنه مزعزع الأركان في بلاده، وأنه في سبيله لمواجهة فضيحتين قاصمتين وأخرى ثالثة تتجمع سحائبها السوداء، تسبب فيهما، باندفاعه وجموحه، واستهانته بكل تقاليد وقيود ما يقال وما لا يجب أن يقال، وما يفعل وما لا يجب أن يفعل.

لقد وافق الكونجرس على تشكيل لجنة خاصة للتحقيق في مدى تورط الرئيس مع مستشاره فلين، الذي أطاح به ترامب نفسه منذ فترة وجيزة، والذي كذب على نائب ترامب، بشأن عمق علاقته بالمخابرات الروسية والسفارة الروسية في واشنطن، وتأثير ذلك فى إسقاط هيلاري وإنجاح أو نجاح دونالد ترامب، بل هناك من الحزب الجمهوري في الكونجرس من يدعو إلى تشكيل لجنة أخرى لفحص طريقة عمل البيت الأبيض تحت حكم ترامب.. كله كوم وقراره الثاني المفاجئ بإقالة كومي، رئيس المباحث الفيدرالية، المكلف أصلا بالتحقيق في قضية مدى تورط حملة ترامب مع الروس!

إقالة كومي أعادت إلى الأذهان قرار ريتشارد نيكسون الذي أطاح برئيس لجنة التحقيق في فضيحة التجسس على مقر الحزب الديمقراطي، وحوكم بعدها وعزل وأعفاه جيرالد فورد الذي أكمل مدة الحكم المتبقية وقتها وهي سنتان تقريبا؛ ولأن ترامب يتصرف على خلفية إحساسه بأنه الرئيس الذي يمكنه أن يقول ما يشاء، فإنه لم يلبث أن وضع إدارته ونفسه ورجاله في فضيحة ثالثة حين تسرب تقرير تفصيلي إلى صحيفة الواشنطن بوست بما دار بين ترامب ولافروف وزير خارجية روسيا، وتفاخر ترامب بأن لديه معلومات استخباراتية غاية في الخطورة عن خطة لداعش تنسف بها طائرة ركاب روسية، وأن هذه المعلومات وردت إليه من دولة حليفة جدا!

بالمناسبة فإن الواشنطن بوست هي أيضا بطلة الإطاحة بنيكسون ونشر القصة بوب ودورد الصحفي النابه وقتها.. فمن سرب هذه المقابلة بتفاصيلها؟ لم يكن حاضرا إلا رجاله ورجال لافروف، ولا توجد مصلحة للأخير في تحطيم الثقة مع الرئيس الجديد، فهل مكتب ترامب مخترق؟ لا شك أن واشنطن بوست حصلت على القصة من داخل المكتب البيضاوي، عبر مسئول تتكتم اسمه.

والعجيب أن مستشار الأمن القومي ماكمستر بادر إلى تكذيب الصحيفة الأمريكية وما نشرته ليدافع عن رئيسه، فيخرج الرئيس ذاته بتويتتين يؤكد فيهما حقه في مشاركة معلوماته لدولة يريدها أن تتعمق معه في محاربة الإرهاب! يقصد روسيا..

وأسقط في يد ماكمستر وبقية رجال ترامب، إنهم في حيرة من تناقضاته، واندفاعاته، وبات أعضاء في الحزب الجمهوري أيضا يتساءلون عن مدى حكمة وعقلانية الرجل وانفلات لسانه، بل من الديمقراطيين من يعد العدة لعزله !

لما تباهى ترامب بتقديمه معلومات لروسيا نقلتها إليه دولة حليفة، اتجهت الأصابع إلى الأردن على أساس أن ترامب بادر أمس باتصال صباحي سريع مع العاهل الأردني، بينما الأخير كان في زيارة للقاهرة، لكن تراجعت التكهنات سريعا لتتجه إلى أن إسرائيل هي من زود ترامب بالمعلومة عن خطة وشيكة لنسف الطائرة الروسية، أراد ترامب كسب ود بوتين، وأدى الكشف عن قلق بالغ في إسرائيل لأنه يعرض حياة الجاسوس الإسرائيلي الذي زرعته الموساد في أحشاء داعش! هل هذه هي الفضيحة الأخيرة؟ كلا إننا بعد في الثلث الأول من العام الأول من حكم ترامب، ولا تزال هناك أعوام ثلاثة قادمة.. فهل يبلغها؟  كل شيء وارد.. لكن هذا هو رجلكم القادم إليكم... في رأيي عدو عاقل خير من خليفة أحمق مزعوم.
الجريدة الرسمية