رئيس التحرير
عصام كامل

حتى أنت.. يا زيد!


إذا كانت الإجراءات الأمنية في مصر، هي المسئولة عن الإرهاب والتطرف، وفق تفسير الأمير زيد بن رعد الحسين، مفوض حقوق الإنسان بالأمم المتحدة فكيف يفسر ما يجري في الدول الراسخة في الديمقراطية من تطرف وإرهاب، وبينما يرى الرجل أن قانون الطوارئ الذي أصدر أخيرا في مصر.. ولمدة محددة يغذي الإرهاب ويدفع إلى المزيد من التطرف لا يعلق على الدول الأوروبية التي تلجأ إلى فرض الطوارئ.. عندما تتعرض لحادث إرهابي.


ولكن يبدو أن مفوض حقوق الإنسان لا يرى ما يرتكبه الإرهابيون من جرائم قتل وقنص وترهيب للمواطنين بينما يدين الإجراءات الأمنية التي تحفظ دماء المصريين، ما يدل على أن زيد لا يريد أن يتخلف عن الحملات التي تشنها بعض المنظمات الحقوقية ضد مصر تنفيذا لمواقف سياسية معادية، فسارع إلى السير في طابور المهاجمين دون مراعاة لما يرتكب على أرضها من جرائم إرهابية، ومتجاهلا أن الإرهاب ليس ظاهرة مصرية، إنما ظاهرة عالمية تضرب كل المجتمعات على السواء ولا تميز بين المنتمين لثقافات أو ديانات معينة، كما أوضح المتحدث باسم الخارجية في رده على التصريحات المؤسفة التي أدلى بها زيد بن رعد، وقوبل الرد المصري بترحيب شديد من المصريين الذين طالما تعالت أصواتهم مطالبين الحكومة برد سريع على التجاوزات التي تصدر سواء عن دول معادية أو مؤسسات حقوقية تعمل وفق أجندة سياسية تخدم الجهات التي تحول تلك المؤسسات، وكانت مصر تتعالى دائما عن الرد الذي يوقف المتجاوزين عند حدودهم ويمنعهم من التجرؤ على الدولة المصرية ويكشف أهدافها الحقيقية.

وعندما لا يصدر الرد في الوقت المناسب.. ويفند تلك الادعاءات تتمادى تلك الجهات في تجاوزاتها، وتجد من يصدقها سواء في الداخل أو الخارج، وكأن كل ما يصدر عنها حقائق لا تقبل الشك.

وسواء كان الصبر المصري على تلك التجاوزات، يرجع إلى الاستخفاف بتأثيرها والاستخفاف بمن يطلقونها، أو الثقة في الشعب المصري الذي يدرك أنها كاذبة أو الانشغال بقضايا أكثر جدية تواجه الوطن.

فإن تلك السياسة المترفعة كان لها نتائج سلبية سواء على المواطنين الذين تستفزهم موجات الهجوم التي لا تتوقف ضد الدولة المصرية، دون أن تتصدى حكومتهم للرد عليها.. أو يأتي الرد بعد فوات الأوان وأن تجد تلك الادعاءات من يصدقها ولن يقتنع قطاع واسع من المواطنين، بالدوافع التي تقف وراء تجاهل حكومتهم لتلك التجاوزات والرد عليها بأسانيد قوية.

وفي الخارج.. تتحول تلك الادعاءات إلى حقائق لا تقبل الشك، حتى لو جاء الرد متأخرا، خاصة أن الميديا لها تأثير قوي فى الشعوب، وإقناعها بأن ما يصدر من جهات معادية ومنظمات حقوقية مسيسة ضد مصر، هي حقائق لا تقبل التشكيك.

لذلك رحب المصريون بالرد المصري السريع على تصريحات زيد بن رعد، واعتبرها تصريحات غير مسئولة تصدر عن أشخاص يفترض فيهم إدراك طبيعة مهام ومسئوليات المناصب التي يتولونها، وإطلاقها يعد أمرا مخجلا ومشينا، لاسيما عندما يفهم منها التبريد والبحث عن الأعذار لانتشار التطرف والإرهاب في مصر.

وما يثير الدهشة.. ويطرح علامات الاستفهام أن تصريحات الأمير زيد صدرت بعيدا عن موعد انعقاد مجلس حقوق الإنسان وهو أمر يصعب تفسيره.. وليس هناك ما يدعو للإسراع بإطلاقها، بينما لم يوجه أي انتقاد للدول والجماعات التي تدعم الإرهاب والعنف بالمال والسلاح والدعم السياسي بالمخالفة لقرارات مجلس الأمن ومجلس حقوق الإنسان، وربما لم يشاهد ويسمع التصريحات النارية التي تصدر من خلال قنوات فضائية تحرض على العنف.. وتمجد الأعمال الإرهابية.. ولكن زيد.. لا يسمع.. ولا يرى!
الجريدة الرسمية