رئيس التحرير
عصام كامل

قانون الانتخابات اللبنانية وترسيخ الطائفية


لا يزال السياسيون اللبنانيون يبحثون عن قانون انتخابي يتناسب مع متطلباتهم الطائفية.. والغريب في السياسية اللبنانية، أنه كلما جاءت الفرصة للتخلص من الطائفية وعلى سبيل التجربة، يسارع السياسيون اللبنانيون إلى إثبات أنهم يتنفسون الطائفية.


وفقًا للقانون الذي كان سائدًا، أو الذي على أساسه تشكل البرلمان الموجود حاليا، والذي تم التمديد له، يتم تقسيم مقاعد البرلمان على أساس طائفي بحت.. فعدد مقاعد البرلمان هو 128 مقعدا: يتم توزيعهم على الشكل التالي: 64 مقعدا للمسيحيين موزعة على الشكل التالي: 34 مقعدا للمارنة، 14 مقعدا للروم الأرثوذكس، 8 مقاعد للروم الكاثوليك، 5 مقاعد للأرمن الأرثوذكس، ومقعد واحد لكل من الأرمن الكاثوليك، والإنجيليين، والأقليات المسيحية).. في حين يتم إعطاء 64 مقعدا للمسلمين والدروز والعلويين على الشكل التالي: 27 مقعدا للسنة، 27 مقعدا للشيعة، 8 مقاعد للدروز، ومقعدان للعلويين.

فالقانون الانتخابي المعمول به، قانون "الستين" – نسبة إلى إقراره في العام 1960 – يضمن عبر تقسيم لبنان إلى 26 دائرة، لكل دائرة عدد محدد من المقاعد بالطبع، وهذه المقاعد موزعة على الطوائف. فعلى سبيل المثال، عدد المقاعد المخصصة لدائرة بيروت الثانية 4 مقاعد: مقعدان للأرمن الأروثوذكس ومقعد للسنة ومقعد للشيعة، بغض النظر عن نسبة السنة والشيعة في هذه الدائرة، فلكل طائفة منهم مقعد.. وبالمثل دائرة ”جبيل" على سبيل المثال لها ثلاثة مقاعد (مقعدان للموارنة، ومقعد للشيعة).

عندما بدأ الحوار حول قانون الانتخابات قبل عدة أعوام، اقترحت بعض القوى السياسية، قانون آخر، أطلقوا عليه "القانون الأرثوذكسي"، ويقوم على انتخاب كل طائفة لنوابها.. وبالتالي فإن المسيحيين الموجودون في جنوب لبنان، لا يحق لهم انتخاب مرشحين في الجنوب الذي يحصل الشيعة على مقاعده، والأمر نفسه في طرابلس، حيث لا يحق للمسيحيين أو الشيعة في طرابلس التصويت على المقاعد الخاصة بالسنة، ولا يحق للسنة والشيعة التصويت في الدوائر الخاصة بالمسيحيين.. يحرم قانون الستين والقانون الأرذثوكسي اللبنانيون من التمثيل النسبي الصحيح، وهناك من لا يعينهم موضوع التمثيل النسبي، فكل ما يهمهم أن تحافظ كل طائفة على نصيبها من المقاعد.

وعندما اقترحت بعض القوى السياسية قانون "النسبية" والذي يقوم على النسبية المطلقة، لم يحظ القانون بإجماع سياسي، أو حتى اتفاق سياسي بين غالبية القوى السياسية، حيث يقوم قانون النسبية على اعتبار كل محافظة دائرة واحدة تتشكل من مجموعة لوائح انتخابية مختلفة ويقوم سكان كل محافظة بالتصويت على اختلاف طوائفهم.

ومع الاختلاف بين السياسيين اللبنانيين، ظهر قانون رابع، هو القانون التأهيلي الذي يأخذ بعضًا من القانون الارذوكسي، فيتم الانتخاب على أساس الطائفة، ثم يدخل الفائزون في المرحلة الأولى تصفية على أساس النسبية.

الأزمة في لبنان ليست فقط في الطائفية التي تلف كل شيء، لكن في أزمة الثقة بين السياسيين والخوف من المستقبل.. فمعظم السياسيين اللبنايين يفضلون قانونا انتخابيا طائفيا، وهم لذلك ليسوا على استعداد لتجربة قانون انتخابي غير طائفي لعله يكون بداية للبنان جديد خالِ من الطائفية.

رئيس الجمهورية، العماد ميشال عون، كان قد أوقف اجتماعات مجلس النواب حتى 15 مايو لتتوصل القوى السياسية إلى قانون انتخابي، في مهلة انتهت منذ يومين، ولم يتم التوصل لشيء.. المهلة الأخيرة للتوصل لقانون انتخابي هي 19 يونيو، بعدها سيدخل لبنان في فراغ نيابي.

لكن السؤال: أين اللبنانيون من هذا كله؟ لماذا لا يتم الاستفتاء على القانون الانتخابي الذي يفضله اللبنانيون؟ وأن يكون الاستفتاء غير خاضع لقيود الطائفية. الإجابة ببساطة هي أن اللبنانيين ليس لهم صوت أو قول في قانون انتخاباتهم البرلمانية، هذا هو الواقع، حتى وإن اختلف السياسيون، فالفراغ البرلماني لديهم أفضل من الاحتكام إلى الشعب اللبناني.. لماذا؟ سيجيبك سياسي لبناني قائلًا: "إذا كان بدك تعطي اللبنانيين شمعة، فاعلم أنها ستحرقهم".
الجريدة الرسمية