محمود عوض يكتب: رحلة أم كلثوم مع العذاب
في جريدة أخبار اليوم مايو عام 1975 كتب الصحفي محمود عوض مقالا قال فيه:
في مثل هذا اليوم 17 مايو 1972 كانت بداية رحلة أم كلثوم مع العذاب، في العاصمة لندن، السياح والزحام والشمس والضجة والتسوق.. إنها لندن في الصيف.. والدكتور حسن الحفناوي عاد لتوه من المستشفى مع زوجته أم كلثوم.
عاد الاثنان فرحين متفائلين.. الآن تمت كل الإجراءات ووصلت التحليلات وجاءت كل الأدوية.. لكن عندما يدخل الزوجان الاسانسير في الفندق تسقط أم كلثوم مغشيا عليها.
صرخ الدكتور حسن الحفناوي "من فضلكم.. الحقوني.. ملح.. ملح" لقد دفع الزوج الطبيب بالملح إلى فمها بيديه، وبعد قليل بدأت أم كلثوم تسترد وعيها.. قليلا، ثم عادت أم كلثوم إلى الحياة.. عادت ولكن بإيقاع بدأ يصبح بطيئا بقدم إلى الأمام، وقدم إلى الخلف بالطلعة الأولى في صراعها مع الحياة والمرض.
لقد بدأ شد الحيل.. كان يوم الثلاثاء، مازلت أتذكره جيدا 17 مايو 1972 ومن يومها بدأ العد التنازلي.
عادت أم كلثوم إلى القاهرة، واستمرت على العلاج.. وفجأة جاءني تليفون من بليغ حمدي يقول: يا صديقي إن كلثوم تريدك غدا في ستديو 47 بالتليفزيون. قلت له خير؟
ضحك صديقي وقال علشان تسمع أغنيتها الجديدة التي لحنتها لها.
قلت أم كلثوم لا تحب أن يشاهدها أحد وهي تسجل، قال بليغ: ما على الرسول إلا البلاغ، وفي اليوم التالي وفي الاستوديو رأيتها، رأيت ابتسامتها تملأ الاستوديو، ولا يوجد مع الفرقة سوى أنا وبليغ.
خرجت أم كلثوم عليّ قائلة: أنت متجيش إلا إذا كلمتك أنا؟ قلت: شيء ما كان يقلقني فلا يمكن أن تستدعيني أم كلثوم بهدف سماع بروفة.. فلا هي عادتها، ولا أنا أريد ذلك.
سألتني أم كلثوم أنت حاتتجوز امتى؟ قلت لها مش عارف، قالت أول ما تعرف كلمني.. وبدأنا التسجيل وسألني بليغ قائلا: مش حاسس أن أم كلثوم تعبانة جدا وصوتها يتقطع لأول مرة.. وفجأة سقطت على الكرسي وقال فين الينسون.. وارتبكت أنا وبليغ، وفجأة قالت نكمل التسجيل بكره.. وبدأ التسجيل.