رئيس التحرير
عصام كامل

مصانع الخطر.. كارثة صحية وبيئية في بني سويف «تقرير»

فيتو

ينتشر بمحافظة بني سويف عدد من المصانع الملوثة للبيئة، وتعرف بـ«مصانع الخطر» نظرًا لخطورة الانبعاثات الناتجة من مراحل التصنيع، على العاملين بها والمحيطين بتلك المصانع، ومن هذه المصانع «الطوب، الأسمنت، البلاستيك» وغيرها من المصانع المهددة لصحة المواطنين.


وتنتشر مصانع الطوب الطفلي بمراكز المحافظة شمالًا وجنوبًا، وتغطي الأدخنة المتصاعدة منها تغطي سماء المحافظة، ناهيك عن الضرر المباشر على العاملين بها، خاصة وأن غالبيتهم من الأطفال لم تتجاوز أعمارهم الـ18 عامًا أو نساء أجبرتهم ظروفهم المادية على العمل في تلك المصانع، الصناعة، كما أن منطقة صناعة الطوب خالية من أية خدمات طبية وشرطية.

وقال محمد سيد بدران، مهندس معمارى، إن مصانع الطوب تنتشر بقري المحافظة بعيدًا عن أعين الأجهزة الرقابية سواء جهاز البيئة أو مكاتب العمل أو الوحدات المحلية، فهى تمثل كارثة إنسانية على المحيطين بها والعاملين بداخلها.

ولفت إلى أنه لا توجد إحصائية محددة لتلك المصانع لعدم حصول العشرات منها على تراخيص التشغيل وبالتالى لم تدرج ضمن الإحصائية الرسمية التي تصل لـ200 مصنع، خاصة بشرق النيل وصحراء سدمنت الجبل بإهناسيا، ويعمل بها ما يزيد عن 50 ألف من العاملين غالبيتهم أطفال ونساء.

وقال محمود جابر عبدالعال، أحد العمال: "نعمل في ظل ظروف صعبة للغاية، تبدأ من طريقنا للعمل في الصباح، فضلًا عن غياب التأمين الاجتماعي والصحي، وتعرضنا لشرب المياه الملوثة التي تتسبب الفشل الكلوي، فضلًا عن نقلهم للمصانع بطريقة غير آدمية في سيارات ربع نقل مكشوفة".

وأشار إلى أن عمال مصانع الطوب يعملون منذ عام 1991 بدون تأمين اجتماعي أوتامين صحي، ومن يتوفى من العمال يصبح أبناؤه مشردين بلا معاش، ولفت إلى أن العمال يتعرضون كل يوم لإصابات في العمل، أو الموت بالطحن في خلاط الطوب، أو بتر اليد أو القدم.

وأضاف: "منذ شهور توفي زميل لنا بأحد مصانع الطوب بمركز سمسطا حال تواجد شقيقه بالمصنع، حيث فوجئ بتشغيل سير مصنع الطوب ما أدي إلى سقوطه وأصيب بإصابات بالغة تسببت في وفاته قبل وصوله للمستشفي" ومع هذا لن يصرف أصحاب المصنع أي تعويضات لأسرته المكونة من 8 أفراد "زوجة و7أبناء" أو أي مبالغ مالية تعوضهم عن فقدان عائلهم.

وتابع: "أنا مثلي مثل عشرات العمال في مثل هذه المصانع، لا نقابة لنا ولا تأمين صحي أو بدل مخاطر مناسب لإصابات العمل.. لا توفر لنا وسائل الآمان والأجهزة الوقائية والرعاية الصحية، العديد من الأمراض أصابت العشرات من عمال المصانع على مدار عقود،، نتيجة للتعرض إلى غبار وأدخنة المصنع ومنها أمراض الجهاز التنفسي، والالتهاب الشعبي، وقرح الأنف، والسحار السيليسي، وارتشاح الأغشية البلوري، وسرطان الرئة".

وقال على محروس، 15 سنة، يعمل بأحد المصانع بقرية سدمنت بإهناسيا: "تركت التعليم منذ 3 سنوات لسوء ظروفنا المعيشية فوالدى موظف بالأوقاف (على قد حاله) ولدى 4 أشقاء يحتاجون من يطعمهم ويكسيهم واضطر لتحمل ظروف العمل هنا القاسية".

وأكمل إسلام حديثه بوصفه لطبيعه عمل الصبية بتلك المصانع، بدءًا من حمل الطوب على جرارات النقل لتسويته داخل الأفران وإعاده ترتيبه في أسوار بعد خروجه من الأفران مرورا بعمليات نقل الطفلة والرمال وتنقيتها وكذلك قيادة الجرارات الكبيرة لنقل الطوب من مناطق التشكيل إلى أفران التسوية، وهو ما يجعلهم عُرضة لخطر دائم، وقال "ما باليد حيلة ظروفنا صعبة".

وقالت سامية جابر، إحدى العاملات بمصنع خورشيد، هي تحمل فوق رأسها 40 "قالب طوب" يزن كل قالب منها 2 كيلو زوجى يعمل باليومية ولدينا (كوم لحم) واضطر لتحمل العمل وحمل الطوب فوق رأسى للإنفاق على أبنائى فلا يوجد بديل لدينا".

وقال عبدالتواب هاشم، عامل: "أقيم بقرية خورشيد، بمركز إهناسيا، التي يجاورها 6 مصانع طوب طفلي، متاخمة لبعضها البعض في شريط ضيق لا يزيد عن كيلو متر لا يفصلها عن القرية سوى أمتار، وجميعها لا تتوقف عن العمل وتقذف مداخنها مئات الاطنان من الادخنة وعوادم الحرق في سماء المنطقة على مدار الساعة دون مراعاة للاضرار التي تلحق يالبيئة وصحة المواطنين"، لافتًا إلى انعدام أي رقابة بيئية على هذ المصانع.

وقال سالم عبدالهادي، أمين شرطة:" بعض أصحاب تلك المصانع متورطون في أعمال خارجة عن القانون، فمؤخرًا ضبطنا 3 أشخاص يمتلكون مصنعًا للطوب، ويديرون تجارة المخدرات من خلاله، وتم ضبطهم كمية تصل لـ2 كيلو من مخدر الحشيش وطبنجة 9ملي، ومبلغ مالى، من عائد الاتجار".

فيما أكدت "م.ن" موظفة بمكتب العمل ببني سويف، أن عدد المفتشين غير كافٍ ولا يغطي العمل المطلوب، لمتابعة العدد الكبير المنتشر بالمحافظة من مصانع الطول، وقالت:"عددنا الحالي يمثل تقريبًا 35%عدد المفتشين المطلوب لتغطية المراكز السبعة".

وأضاف:" أرقام الإصابات وحالات الوفاة الناتجة عن العمل، التي يقدمها لنا أصحاب المصانع، غالبًا ما يتم تلفيقها لتجنب الدعاوى القضائية، أو الإنذارات، أو الغرامات، أو دفع التعويضات للعمال".

وأشارت المفتشة إلى أن أصحاب المصانع كثيرًا ما يتجاهلون قانون العمل، وقواعد السلامة المهنية، في حين أنهم لا يوفرون حتى الحد الأدنى من وسائل الآمان والأجهزة الوقائية، وإجراءات السلامة في مكان العمل، وأضافت أن غالبية المصانع لا تخضع للرقابة لأن أصحابها يعلمون أنه في إمكانهم دفع رشوة للمفتشين ذوي الأجر المتدني، ليغضوا الطرف عن تلك الانتهاكات.
الجريدة الرسمية