رئيس التحرير
عصام كامل

محمود السعدني: «أحمد ندا» رئيس دولة التلاوة و«لحن من السماء»

محمود السعدني
محمود السعدني

كتب محمود السعدني مقالا في مجلة "صباح الخير"، في شهر رمضان عام 1967، قال فيه:

«قبل مطلع هذا القرن لم يكن لمقرئ القرآن سعر، وكان الأجر لا يزيد على عشرة وأحيانا حتة بخمسة، وكان المورد الحقيقي للمقرئين هو القراءة في المقابر.


كان المقرئ في هذا الزمان اسمه "الفقي"، وكان الفقي الجيد هو الذي يقوم بالتدريس للطلاب في الكتاب، أما الفقي الخايب هو الذي يسعى على رزقه.

لكن مع ظهور القرن العشرين ظهر معه فنان أدهش الناس بصوته، وأدهشهم بطريقته الفذة في الأداء.

وكان الفنان الفذ الجديد شيخ معمم أصبح حديث المدينة كلها، ثم أصبح نجم مصر كلها، وأجبر الأدباء والنقاد على الالتفات إليه، حتى إن صديقه الشيخ البشري كتب عنه فصولا في مجلة الهلال وفي جريدة الأهرام.

هذا الفنان الذي أمتع الناس هو الشيخ أحمد ندا، الذي طار صيته في كل مكان، وأصبح زينة كل مجلس وعمدة كل سهرة في بيوت كبار الفنانين والسياسيين والأدباء، وارتفع أجره إلى خمسين جنيها، ثم مائة جنيه حين أتى إلى القاهرة.

معدن صوته كان معدن نفيس، حتى إنه أصبح أشهر رجل في مصر وبيته مقصدا للجميع، من هنا أصبح للمقرئين سعرا ومكانة، لكن لم تكتب للشيخ ندا الحياة لحين ظهور الإذاعة، لذا ضاع صوته، ولم يستمع إليه سوى أبناء جيله.

ظهر بعد الشيخ ندا عشرات من المقرئين، بعضهم ظل خالدا في قلوب الناس، كل منهم له لون وله طعم، لكن أعظمهم وأمجدهم الشيخ محمد رفعت الذي بدأ في جامع فاضل بدرب الجماميز، وأصبح مسجده مقصدا للزوار في الريف والمدن كل يوم جمعة، فقد كان صوت الشعب.

بالإضافة إلى ذلك كان الشيخ رفعت أول مقرئ قرآن يجتمع عليه أقباط مصر والأجانب، ومع الشيخ رفعت ظهر عبقري آخر كان له أثر بعيد في التلحين والطرب وهو الشيخ على محمود عالما بفن الموسيقى الشرقية، ودارسا لفن الموسيقى الغربية، فخرج من بيته أعظم الملحنين واشتهر منهم سيد درويش وزكريا أحمد ومحمد عبد الوهاب.

كما أصبح للشيخ على محمود تلاميذ، منهم طه الفشني وأبو العينين شعيشع، وكان فريدا في صوته، رتل القرآن كاملا للإذاعة، ثم جاء بعده الشيخ مصطفى إسماعيل الذي سمعه الشيخ رفعت لأول مرة في مسجد السيد البدوي بطنطا، ثم الشيخ عبد الباسط عبد الصمد الذي خرجت شهرته من مسجد السيدة زينب».
الجريدة الرسمية