بوادر حرب إبادة البشرية.. الوطن العربي في قبضة داعش.. «بوكو حرام» و«الشباب الصومالي» يحرقون أفريقيا.. السلفية الجهادية تدمر أوروبا.. ومرصد الأزهر للعالم: اتحدوا من أجل إنقاذ البشري
من المستفيد من تنامي ظاهرة العنف وانتشار التطرف والإرهاب في العديد من دول العالم؟، ومن الذي يوفر الدعم المادي ويسمح ببيع الأسلحة لهذه الجماعات الإرهابية؟، وكيف استطاع تنظيم "داعش" الصمود حتى الآن تحت قصف تحالف دولي يتكون من 67 دولة؟، ولماذا تعجز حكومات أفريقيا في القضاء على جماعة "بوكو حرام" النيجيرية ومنظمة "الشباب" الصومالية؟.
والأهم من كل ما سبق: هل تحول التطرف من مجرد آلة إجرامية تحصد أرواح الأبرياء إلى فكرة تعتنقها ملايين العقول؟، وهل تغيرت الأيديولوجية الفكرية للكثير من الشباب وأصبحوا يؤمنون بالتطرف كعقيدة وليس كعمل يجنون من ورائه ملايين الدولارات؟، وهل يكفي محاربة المتطرفين عسكريًا لإستئصال سمومهم التي بثوها في جسد العالم؟؛ هذه التساؤلات وغيرها يجيب عليها مرصد الأزهر الشريف لمكافحة التطرف في تقرير أعده مؤخرًا وننشره في السطور التالية.
المواجهة الإعلامية
مواجهة الجماعات المتطرفة والإرهابية فكريًا وإعلاميًا أهم من مجرد المواجهة العسكرية - بهذه العبارة رسم مرصد الأزهر الشريف لمكافحة التطرف الطريق الأمثل للقضاء على الإرهاب؛ موضحًا أن التطرف كان في سنوات سابقة فكرة اعتنقها بضعة أشخاص، وسرعان ما تحول في عصرنا الراهن إلى مصدر إلهام لجيل من المتطرفين لا يكفي في مواجهتهم القضاء على أجسادهم، بل إن الأهم وأد الفكر الخبيث واقتلاعه من جذوره لإنقاذ البشرية من هذا الوباء.
أخطر ما يواجه العالم - حسبما يشير مرصد الأزهر - هو أن دعوات جماعات التطرف والإرهاب لا زالت تجد آذانًا تصغي إليها، وقلوبًا تعتنق فكرها، وعقولًا تستسيغ أعمالها، وتبرر جرائمها باسم الدفاع عن الدين، وإقامة الدولة، وإحياء الخلافة، وغير ذلك من المزاعم والمفاهيم المغلوطة، وهذا ينذر بخطورة حدوث تغير في الأيديولوجية الفكرية للكثير من الشباب الذين أصبحوا يؤمنون بالتطرف كعقيدة وليس كعمل كانوا يخاطرون بحياتهم في الإلتحاق به بغية اكتساب ملايين الدولارات.
خطر داهم
ومع تنامي خطر الإرهاب وتعاظم آثاره على العالم، فقد أخذ الباحثين في مرصد الأزهر، على عاتقهم مهمة تقويم الفكر، وتصحيح المفاهيم، وتحصين العقول من مخاطر الغلو والتطرف بغية إنقاذ العالم من خطر داهم يدفع ثمنه الأبرياء الذين تراق دمائهم بدون ذنب، بالإضافة إلى زعزعة استقرار الأمم، وضرب وحدة الشعوب.
هذا الخطر الداهم الذي يهد العالم - وفقًا لما أورده المرصد في تقريره - يتجسد في عمليات الإبادة والقتل التي يقوم بها عناصر تنظيم "داعش" الإرهابي، في حق ملايين الأبرياء من أبناء الوطن العربي، وكذلك يتجسد في سعى جماعة "بوكو حرام" النيجيرية، ومنظمة "الشباب" الصومالية إلى إحراق أفريقيا واستعباد شعوبها، بالإضافة إلى ما تفعله "طالبان أفغانستان" ونظيرتها بـ"باكستان" وما شابههم من جماعات متطرفة يزيد عددهم عن 35 جماعة يركزون أعمالهم المنافية للأديان والأخلاق ضد شعوب قارة آسيا.
السلفية الجهادية
القارة الأوروبية أيضًا تعاني من ويلات التطرف والإرهاب - وهذا ما أكده المرصد - فعلى سبيل المثال وليس الحصر هناك 10 آلاف جهادي سلفي يسيطرون على المساجد في ألمانيا، وهؤلاء يلعبون دورًا خطيرًا في إستقطاب الشباب وإقناعهم بفكرة الجهاد والموت في سبيل الله؛ مشيرًة إلى أن ألمانيا تعاني العديد من المشكلات بسبب سيطرة السلفية الجهادية على المساجد ووجود ما يسمى بـ"اتحاد دي تيب" الذي ثبت أنه يتجسس لصالح أردوغان وهذا هو سبب وضعه تحت الحظر من قبل الحكومة الألمانية.
مرصد الأزهر؛ أوضح أنه من خلال متابعته المتواصلة لإصدارات الجماعات المتطرفة المرئية والمكتوبة على اختلاف مسمياتها ومناطق انتشارها ولغة حديثها، وجد أن هذه الجماعات تستهدف في المقام الأول تدمير الحالة النفسية للشعوب، ولعل أكبر دليل يؤكد هذا هو سعيهم الدائم إلى بث مقاطع فيديو توضح كذبًا أنهم الأقوى والقادرون على استهداف الجيوش وزعزعة استقرار الدول الآمنة، ومن جانب آخر تعمدهم بث سموم يزعمون خلالها أن الجنة جزاء من إنضم إليهم، والنار مصير كل من خالفهم، وأن دولة الخلافة المزعومة في حاجة إلى من يحمل راياتها، وغير ذلك من المفاهيم المغلوطة وغير الموجودة على أرض الواقع، والتي لا تقرها الأديان السماوية أو الأعراف البشرية.
إصدار مرئي
المرصد تابع في التقرير ذاته؛ أن ما سبق يؤكده على سبيل المثال الإصدار المرئي الأخير الذي بثته جماعة "بوكو حرام" النيجيرية، والموالية لتنظيم "داعش" الإرهابي، والذي بلغت مدته 3 دقائق ونصف الدقيقة؛ حيث صور مشهدًا جديدًا من مشاهد الحرب الإعلامية والنفسية التي يخوضها هذا التنظيم من خلال أذرعه الإعلامية وأذنابه المنتشرة في مناطق متفرقة من العالم.
مرصد الأزهر؛ أكد أن هذا الإصدار المرئي الذي بثته جماعة "بوكو حرام" النيجيرية أظهر إحدى فتيات مدينة "تشيبوك" المختطفات من قبل عناصر هذا التنظيم الإرهابي، منذ أكثر من 3 أعوام، وهى تؤكد رفضها العودة مع باقي الفتيات المحررات مؤخرًا بموجب الاتفاق الذي توصلت إليه الحكومة النيجيرية مع عناصر التنظيم، والذي يقضي بتحرير 82 فتاة من المختطفات مقابل أن تقوم الحكومة بإطلاق سراح معتقلين من عناصر بوكو حرام بينهم قادة للجماعة.
دار الكفر
المرصد؛ أوضح أن هذه الفتاة الرافضة للعودة والخلاص من قيد الأسر، ظهرت وهي تحمل بندقية آلية، وتحدثت بلغة "الهوسا" مع أحد مسلحي جماعة "بوكو حرام" الذي سألها عن اسمها وسبب تواجدها بينهم؟، وفي إجابة عن سبب رفضها العودة؟، قالت الفتاة: "ما الذي يجعلني أعود لدار الكفر بعد أن عشت في دار الإسلام.. إنني سأبقى هنا مع زوجي المجاهد".
مرصد الأزهر؛ يطرح في تقريره عدة تساؤلات: من الذي حكم بأن ما تقوم به "بوكو حرام" جهاد؟، ومن الذي قال بأن تنظيم "داعش" الإرهابي يسعى إلى إقامة الدولة الإسلامية؟، ومن الذي أباح لهؤلاء الإرهابيين القتل والاغتصاب والتشريد وترويع الآمنين وضرب استقرار البلاد وسلبها الأمن والأمان وغير ذلك من الجرائم والانتهاكات التي يرتكبونها؟، ومن الذي قال بأن الله قسم الأرض إلى دارين إحداهما يقطنها الكفار والأخرى ينعم بها المؤمنين؟؛ ألم يعش النبي صلى الله عليه وسلم في مكة والمدينة وجاوره فيهما غير المسلمين، بل المشركين أيضًا.
التطرف فكرة
المرصد؛ يشير إلى أن المتابع الجيد لشأن هذه الجماعات لن يتعجب إذا ما رأى فتاة كهذه كانت بالأمس القريب ضحية تم اختطافها وتزويجها بالقوة وربما اغتصابها، وفجأة تطل علينا اليوم من خلال إصدار مرأي لتعلن اعتناقها فكر من اعتدوا على إنسانيتها وسلبوها حريتها، وهذا ما يؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أن التطرف فكرة اعتنقها بضعة أشخاص وسرعان ما نجحوا إقناع غيرهم بها بسبب تردي الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في العديد من بلدان العالم؛ بالإضافة إلى استفادة دول وجهات أخرى من إنتشار العنف والإرهاب خدمة لمصالحها.
مرصد الأزهر؛ أكد أن السبيل الوحيد لتجنيب العالم ويلات الدمار وإراقة الدماء جراء العمليات الإجرامية التي يقوم بها المتطرفين والإرهابيين، هو إخلاص الجهود وتوحيد الصف في مواجهة هذه التنظيمات الخبيثة، وملء الفراغ الذي يعصف بعقول الشباب، والعمل على حصارهم اقتصاديًا من خلال التوقف عن إمدادهم بالأسلحة والأطعمة؛ إلى غير ذلك من الوسائل التي من شأنها اجتثاث هذا السرطان الذي يسري بلا هوادة في الجسد العالمي غير مفرق فيما يسببه من الآلام بين أحد؛ فالإرهاب يقتل الإنسان أيًا كان دينه أو لونه أو وطنه، ويسعى عناصره لإشعال حرب إبادة جماعية يريدون خلالها إحراق الأخضر واليابس في كل ربوع الأرض.