رئيس التحرير
عصام كامل

ياقوت الحموي أشهر علماء الجغرافيا «تاجر كتب»

فيتو

يتناول كتاب «ياقوت الحموي.. الجغرافي الرحالة الأديب» تأليف أبو الفتوح محمد التونسي، والصادر ضمن إصدارات سلسلة أعلام العرب، شخصية العالم الجغرافي الكبير الحموي.


وبدأ الكتاب بتقديم صورة عامة عن حياة العرب وارتباطهم بعلم الجغرافيا، والتي كانوا يطلقون عليها "علم المالك والممالك"، وجمعت ثقافة العرب آنذاك بين الجغرافيا الوصفية والجغرافيا الفلكية.

نشأته
نشأ ياقوت عالما موسوعيا لا يختلف في شيء عن غيره من العلماء الذين وضعوا أسس الحضارة العربية الإسلامية، واسمه أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله شهاب البغدادي، وقيل ابن عبد الله الرومي، الرومي الجنس، وينسب إلى حماة، وإن كان بغدادي الدار، ولد 575 هجريًا ببلاد الروم (آسيا الصغرى أو بلاد الأناضول)، ثم أسر وهو صغير من بلده، فقيل له الرومي.

اشتراه تاجر بغدادي يدعى عسكر ابن أبي نصر الحموي، فنسب إلى حماة، ورغم أن اسمه حمل معنى العبودية إلا أن ذلك لم ينتقص من قيمته كعالم مسلم أحيا التراث الإسلامي العربي، فقد كان من عادة العرب أن يطلقوا على الرقيق أسماء الحجارة الكريمة، وقد اختار لنفسه اسم يعقوب، إلا أن اسمه القديم ظل لصيقا به، فلم يذكره العلماء سوى باسم ياقوت الذي طالما حلم بالفرار منه.

واعتنى سيده بتعليمه وتدريبه على الأسفار، وهو ما كان له أبلغ الأثر على مستقبله العلمي واتجاهه للجغرافيا، وكان من بين أساتذته المشهورين الأديب اللغوي والنحوي ابن يعيش.

عتقه سيده سنة 596 هـ بعد قطيعة بينهما، وبعد أن أصبح حرا انطلق في مسيرته العلمية، فبدأ بنسخ الكتب مقابل مال يتزود به قوت الحياة، وبعد مدة عاد سيده يواصل ما انقطع بينهما، فأغرى ياقوت بإعطائه مالا وإشرافه على تجارته، ثم فاضت روح سيده إلى بارئها، فورث ياقوت أموالا طائلة، لكنه اختار تجارة الكتب، وقد اعتبرها السبيل للجمع بين التجارة والعلم.

رحلاته والوقوع في الحب
واصل ياقوت أسفاره فقام بالعديد من الرحلات التي أثرت كتاباته، وفي عام 613 هـ، وأمضى عامين في مدينة نيسايور، وأثناء إقامته بها علق قلبه بفتاة من أهلها وكان حبه الأول، وتقول رواية أخرى أنه اشترى جارية تركية من أحد أسواق المدينة وهام بحبها، إلا أنه باعها بعد أن احتاج للمال، لكن الأمر أثر فيه بالسوء حيث عافت نفسه المأكل والمشرب، حتى نصحه الناصحون باستردادها إلا أنه فشل في تحقيق غايته.

كتاباته وآراء المستشرقين فيه
وكان ياقوت الحموي غزير الإنتاج حيث أصدر العديد من الكتب، من بينها: "إرشاد الألباء إلى معرفة الأدباء"، "معجم البلدان"، "معجم الشعراء"، "المشترك وضعا المختلف صقعا"، "المبدأ والمال"، "أخبار المتنبي"، "المقتضب في النسب".

أثنى العلماء على سعة معرفة ياقوت الحموي، وأشاد به العديد من علماء الشرق والغرب، فوصفه المستشرق الروسي كراتشكوفسكي بأنه الجغرافي العربي الوحيد الذي ظهر في النصف الأول من القرن 13 الميلادي وأنه حاول وضع مرجع كبير يجمع فيه ما تفرق من المادة الجغرافية المعروفة في عصره.

فيما وصفه سنكوفسكى بالدقة والاجتهاد، وأن علم الاستشراق مدين له لأنه سجل بكل دقة في معجمه آثار قيمة في جغرافية وتاريخ العصور الوسطى.
الجريدة الرسمية