محمود أمين العالم يكتب: فرحة الجلاء
في مجلة روز اليوسف، يونيو 1956، كتب محمود أمين العالم مقالا حول يوم جلاء القوات الإنجليزية عن مصر، قال فيه:
إن يوم الجلاء في 18 يونيو هو تلخيص للجانب الأكبر من تاريخنا، إنه تعبير رائع عن الجهود التي بذلت، والدماء التي سالت خلال قرن ونصف قرن من النضال المتصل.
مئات الآلاف من الضحايا الشهداء منذ معارك رشيد ودمنهور والتل الكبير حتى معارك القنال، معارك ضد الغزو المسلح، ومعارك ضد الاحتلال، ومعارك من أجل الدستور، ومعارك ضد الأحلاف العسكرية.
لم تتخلف فئة واحدة من فئاتنا الوطنية عن النضال والتضحية بأعز أبنائها في هذه المعارك، وفي المقدمة دائما كان الطلبة والفلاحون والعمال.
وفى 18 يونيو عندما تتحرك مواكب المواطنين جميعا تمثل التاريخ الخصب من النضال والتضحية، ما أجدر أن تكون هذه الفئات الوطنية على رأس المواكب بأعلامها ولافتاتها وصور ضحاياها.
ما أجدر هذا اليوم أن يكون ملتقى لكافة المواطنين المصريين على اختلاف آرائهم وفلسفاتهم، تجمعهم فرحة الجلاء، وجلاء التضحية وخصوبة المستقبل.
ما أجدر هذا اليوم أن يكون عيدا تلتقي فيه صفوفنا الوطنية جميعا، حول التراث الغالي الذي خلقه لنا شهداؤنا، حول هذه الانتصارات الرائعة التي حققتها السياسة الخارجية الاستقلالية لحكومتنا المصرية.
حول هذا الاتجاه نحو الديمقراطية، حول مساندة كافة القضايا الوطنية في شرقنا العربي، حول رفض الأحلاف العسكرية الاستعمارية، حول حماية اقتصادنا القومي، حول توحيد شعوبنا العربية.
بكل هذا يتحقق لنا اليوم جلاله الحقيقي، وبهذا نبدأ عهدا جديدا في تاريخنا الوطني الحديث.