رئيس التحرير
عصام كامل

المستشار محمد خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة: اختيارنا للمستشار الدكروري ليس تحديًا للرئيس

فيتو

  • البرلمان وضع مجلس الدولة في مأزق كبير
  • ناديت كثيرًا في أبحاثي السابقة بشبهة عدم دستورية قانون الهيئات القضائية
  • من له مصلحة في تخطي أقدميته سيطعن على قرار رئيس الجمهورية بتعيين غيره
  • اختيار 3 من بين السبعة الأقدم يؤدي إلى انقسام القضاء وتفرقته
  • قواعد الأقدمية بمثابة الروح من الجسد والجمعية العمومية استخدمت حقها
  • الجمعية لا تريد أن تكون شريكة لمجلس النواب في إهدار مبدأ استقلال القضاء
  • قرارنا ظل حبيسا في صدر كل قاض حتى لحظة الإعلان عنها


أكد المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة أن أعمال الجمعية العمومية لمجلس الدولة التي رشحت المستشار يحيى الدكرورى كمرشح وحيد لرئاسة مجلس الدولة لم تكن سريعة أو وليدة اللحظة، ولم يكن أحد يعرف نتائجها في مصر وليس في مقدور أي جهاز في الدولة توقعها، ولا حتى المستشار يحيى الدكرورى ذاته، لأنها ظلت حبيسة في صدر كل قاض يحدث بها نفسه فقط دون توجيه حتى لحظة الإعلان عنها، وقال في حوارخاص لـ "فيتو" أن ترشيح الدكرورى جاء بعد مناقشة مستفيضة دامت 3 ساعات بما يحفظ للمجلس استقلاله كما أكد على أن ترشيح الأقدم ليس تحديًا للسيد رئيس الجمهورية، وليس علاقة برمز الدولة ومجلس النواب وضع مجلس الدولة في مأزق كبير إما أن يحترم قواعد الأقدمية التي تعد بمثابة الروح من الجسد وإما أن يهدرها ،واختيار الجمعية العمومية جاء لعدم مشاركتها في إهدار مبدأ الأقدمية ولو بنص.


وأوضح المستشار الدكتور محمد خفاجى أن الجمعية العمومية تعلم علم اليقين أنها توسع من سلطات رئيس الجمهورية في الاختيار من بين السبعة الأقدم وتخول له الصلاحيات كاملة في اختيار من يشاء منهم، فكيف يتحدى من بيده اختصاص الترشيح للسلطة المنوط بها تتويج هذا الترشيح؟ وقال أن الجمعية العمومية لم تخالف القانون وإنما سقطت بإرادتها حقًا لها باختيار ثلاثة واستخدمت حقها في إحدى صور البدائل الثلاثة التي ذكرها هذا القانون، لأنها لا تريد أن تكون شريكة لمجلس النواب في إهدار مبدأ استقلال القضاء، ولتترك الأمر على رقعة واسعة من الاختيار للسيد الرئيس من بين السبعة الأقدم كما يشاء ووفقًا لتقديراته أن الجمعية العمومية كانت أكثر ذكاءًا ووعيًا بعلم القانون من مجلس النواب وأدركت مغزى القانون واَثرت اختيار أقل البدائل المطروحة عليها لحين الطعن عليه.
وأشار إلى أن فلسفة انتخاب (3) من أقدم (7) لا تستقيم مع السلطة القضائية لأن تولى رئاسة القضاء ولاية وليست وظيفة، وتطبيق نظام الانتخاب على رئاسة القضاء يؤدى إلى انقسام القضاء وتفرقه وتوقع الطعن على هذا القانون وتوقع أن يكون طلب التعويض ضد رئاسة الجمهورية لصيقًا بطلب الإلغاء وإلى نص الحوار.


*ما كواليس ما تم في الجمعية العمومية الخاصة للترشيح لمنصب رئيس مجلس الدولة الخافية على الرأى العام ؟
ما أسفرت عنه نتائج أعمال الجمعية العمومية الخاصة للترشيح لمنصب رئيس مجلس الدولة لم تكن نتيجة سريعة أو وليدة اللحظة، ولم يكن أحد يعرفها في مصر وليس في مقدور أي جهاز في الدولة توقعها، ولا حتى المستشار يحيى دكرورى ذاته، لأنها ظلت حبيسة في صدر كل قاض يحدث بها نفسه فقط دون توجيه حتى لحظة الإعلان عنها، وجاء ترشيح الجمعية بعد مناقشة مستفيضة دامت 3 ساعات باستعراض النص بعد تلاوته من المستشار الدكتور محمد مسعود رئيس مجلس الدولة ثم تناولت الجمعية كافة الآراء داخل الجمعية من كثير من الزملاء ثم عرض المستشار ممدوح صديق نائب رئيس مجلس الدولة ووكيل إدارة التفتيش بكفاءة واقتدار جميع الاَراء وفقًا لتعديل نص المادة الرابعة من القانون رقم 13 لسنة 2017 وهى كالتالى:
عُرض الرأى الأول الذي يتمثل في اختيار ثلاثة مرشحين دون ترتيب من بين أقدم سبعة ليتبارى جميع أعضاء الجمعية في اختيارهم وكان رأى الجمعية بأغلبية أعضائها رفض هذا الاقتراح وكان خلاصة سندهم في ذلك أنه لا يصح بعد أن وصل شيوخ وعلماء مجلس الدولة إلى تلك الخبرة وهذا السن أن تأتى الجمعية العمومية المشكلة من أعضاء أحدث منهم يقومون بتقييمهم والحكم عليهم بمن يصلح ومن لا يصلح لتولى مهمة رئاسة مجلس الدولة فليس من التقاليد القضائية أن تفاضل الجمعية بين شيوخ القضاة لتختار من بينهم، فمثل هذا الاختيار بين السبعة من شأنه أن يجرح كبرياء القاضى ويمتهن كرامته وقد رأت الجمعية أن اختيار ثلاثة من بين السبعة دون ترتيب أمر لا يمكن السكوت عليه وأعلنت رفض الرأى الأول حفاظًا على مشاعر خيرة رجال مجلس الدولة وفى تلك اللحظة بكيت وانا اتخيل هؤلاء الصفوة جالسون على المنصة وقد علمونا العلم النافع المفيد بخبرتهم الطويلة التي تساوى عند الدول المتقدمة ذخيرة التقدم والارتقاء.
ثم عُرض الرأى الثانى الذي يتمثل في اختيار ثلاثة مرشحين من بين أقدم سبعة بترتيب أقدميتهم، وقد رفضت الجمعية هذا الرأى وكان خلاصة سندها أن إرسال ثلاثة أسماء بترتيب أقدميتهم يجعل الأقدم في مصاف الأحدث منه ويصل إلى حد انتزاع ولايته في تولى رئاسة المحكمة الإدارية العليا وهى التي تستوى على القمة في محاكم مجلس الدولة بما يخل اخلالًا جسيمًا بالثوابت القضائية ويمثل عدوانًا على حق الأقدم في تولى رئاسة مجلس الدولة.
ثم عُرض الرأى الثالث الذي يتمثل في اختيار شخص وحيد هو الأقدم دون منازع وكان سندها في ذلك هو التصون للتقاليد القضائية الأصيلة وحفظ هيبة القضاء واستقلاله، واتساقًا لمفهوم الاقدمية الذي غفل عنه مجلس النواب والوارد في المواد (85و 86 و86 مكرر ) من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 وهذه النصوص تمثل نسيجًا مترابطًا وكلًا لا يتجزأ وتتكامل أحكامه في وحدة عضوية متماسكة لا منفصلة عن بعضها، وهو البنيان الذي يقوم عليه كيان مجلس الدولة، لذا انتهت الجمعية العمومية إلى اختيار وترشيح الأقدم وهو المستشار يحيى راغب دكرورى النائب الأول لرئيس مجلس الدولة.

*هل يمثل ترشيح مرشح وحيد هو الأقدم تحديًا لرئيس الجمهورية ؟
اختيار الجمعية العمومية للمستشار يحيي دكروري بالأغلبية المطلقة ليس تحديًا للسيد رئيس الجمهورية الذي نكن له كل الاحترام والتقدير، وليس له علاقة برمز الدولة، وهذا الاختيار لا يعنى أن مجلس الدولة في خصومة مع أحد وإنما الحق أن مجلس النواب وضع مجلس الدولة في مأزق كبير، إما أن يحترم قواعد الأقدمية التي تعد بمثابة الروح من الجسد والواردة في صلب قانونه منذ انشائه وإما أن يهدرها، وقد جاء اختيار الجمعية العمومية لمرشح وحيد هو الأقدم دون اختيار ثلاثة استنادًا لعقيدة القاضى وعدم مشاركته في إهدار مبدأ الأقدمية ولو بنص.
وعلى العكس تمامًا فالأمر لم يكن تحديًا للرئيس فالجمعية العمومية تعلم علم اليقين وهو ترشح مرشح وحيد هو الأقدم، انها توسع من سلطات رئيس الجمهورية في الاختيار من بين السبعة الأقدم وتخول له الصلاحيات كاملة في اختيار من يشاء منهم، فكيف يتحدى من بيده اختصاص الترشيح للسلطة المنوط بها تتويج هذا الترشيح والرئيس من بيده إصدار القرار ؟ فلا يعد تحديًا ممن لا يملك لمن يملك.

*هل الجمعية العمومية خالفت القانون بترشيح مرشح وحيد هو الأقدم دون ثلاثة ؟
المشرع نص على قاعدة تمثل حقًا خالصًا للجمعية العمومية بترشيح ثلاثة من بين أقدم سبعة، ولكن القانون بعد أن اوجد هذا الحق للجمعية العمومية منح القانون ذاته ثلاث بدائل للجمعية العمومية حال عدم استخدام حقها بترشيح ثلاثة، وتلك البدائل كما وردت بالقانون تتمثل في عدم تسميتها المرشحين أو ترشيح عدد يقل عن ثلاثة أو ترشيح من لا تنطبق عليه الضوابط المذكورة، فهنا تكون الجمعية العمومية قد أسقطت بإرادتها حقًا لها باختيار ثلاثة واستخدمت حقها في إحدى صور البدائل الثلاثة التي ذكرها هذا القانون.
ويترتب على إسقاط الجمعية لحقها في اختيار ثلاثة واستخدامها بإحدى البدائل الثلاث نشوء حق رئيس الجمهورية في عدم التقيد بترشيح الجمعية العمومية واستخدام صلاحياته في تعيين رئيس المجلس من بين أقدم سبعة من نواب رئيس المجلس وبالطبع يظل من بينهم المرشح الأول، وبهذه المثابة وفى إطار علم تفسير القانون – والقضاة هم مُلاك تفسير القوانين وفقًا لأصوله العلمية التي استنتها أحكامه وشاركها الفقه في ذلك - لا يمكن القول بأن الجمعية العمومية قد خالفت القانون بل الصحيح أن الجمعية قد أسقطت حقها في اختيار الثلاثة لأنها لم تكن أن تريد أن تكون شريكة لمجلس النواب في إهدار مبدأ استقلال القضاء، واستخدمت إحدى البدائل الثلاث التي وضعها المشرع ذاته لتترك الأمر على رقعة واسعة من الاختيار للسيد الرئيس من بين السبعة الأقدم كما يشاء ووفقًا لتقديراته كصاحب قرار وفقًا لهذا القانون لا غيره.

*هل تتوقع الطعن بالدستورية على هذا القانون حال اختيار الرئيس لمرشح آخر غير الأول الأقدم؟
ناديت كثيرًا في أبحاثي الثلاث السابقة بشبهة عدم دستورية هذا القانون وأتوقع حال اختيار السيد الرئيس لتعيين رئيس مجلس الدولة لغير الأقدم أن يطعن من له المصلحة في تخطي أقدميته على قرار رئيس الجمهورية بتعيين غيره وأتوقع أن يكون طلب التعويض ضد رئاسة الجمهورية لصيقًا بطلب الإلغاء لنقطة غاية في الفن القانونى هي أن يكون الطعن مقيدًا للمحكمة الدستورية العليا في الفصل فيه مهما طال الزمان، لأن المحكمة الدستورية العليا قد استقرت في أحكامها على المصلحة في الدعوى الدستورية فإن طال نظرها لأمد هذا الطعن وبلغ الطعان سن السبعين عاما للإحالة للمعاش فإنها تقضى بعدم القبول لزوال مصلحته، أما لو اقترن طلب الإلغاء بطلب التعويض أصبحت المحكمة الدستورية ملزمة دستوريًا في التعرض لمدى دستورية نص المادة الرابعة من القانون رقم 13 لسنة 2017 حتى يمكن لمحكمة الموضوع التي أحالت للدستورية أن تقدر طلب التعويض.

*هل قانون مجلس النواب يحول القضاء إلى ساحة للتربيطات الانتخابية على غرار انتخاب مجلس النواب ذاته ؟
فلسفة النظام الانتخابي تقوم على اختيار ممثل الأمة من بين أصلح المترشحين للسلطة التشريعية وفقًا لبرنامجه الانتخابي ودعايته الانتخابية للفوز بمقعد في مجلس النواب، بينما تلك الفلسفة لا تستقيم مع السلطة القضائية لأن تولى رئاسة القضاء ولاية وليست وظيفة ولن يكون الاختيار ممكنًا لاختيار ثلاثة من بين السبعة الأقدم إلا على النحو الذي إرادة مجلس النواب، وهو ما يؤدى إلى انقسام القضاء وتفرقته ونحن نعلم أن الانتخاب له مزاياه وعيوبه فمن مزاياه أن يختار الناخب مرشحه ومن عيوبه التربيطات الانتخابية التي ألف المترشحون لمجلس النواب عليها ولم يألفها رجال القضاء فيما بينهم عند تولى رئاسة منصة القضاء، هذا هو السهم الفلسفى القاتل لأغراض هذا القانون والجمعية العمومية كانت أكثر ذكاءًا ووعيًا بعلم القانون من مجلس النواب وأدركت مغزى القانون وآثرت اختيار أقل البدائل المطروحة عليها لحين الطعن عليه.

الجريدة الرسمية