رئيس التحرير
عصام كامل

عيون وآذان (لن أهدى القادة الأشاوس شيئًا)

فيتو

حدث غير مرة أن اخترت فى نهاية العام أن أهدى القادة العرب هدايا من واقع الحال السياسى فى هذا البلد أو ذاك، هذه المرة لن أهدى القادة الأشاوس شيئاً حتى لو كان رمزياً، وإنما أقول لكل واحد منهم إنه يتحمل نصيباً فى ضياع القدس وربما فلسطين كلها، خلال حكمه الميمون.


الحكومة الإسرائيلية الفاشيستية قتلت حل الدولتين، والاستيطان فى الضفة الغربية والقدس تتسارع وتيرته، وإن لم تقف الدول العربية موقفاً حازماً واضحاً مُعلناً فعلى أولى القِبلتين السلام.

الكل مسئول وأحــمِّل الرئيس محمود عباس، ورئيس المكتب السياسى لحماس الأخ خالد مشعل، مسئولية مضاعفة، فالانقسام الفلســـطينى ســهَّل على الحكومة الفاشـيســـتية فى إسرائيل أن تضاعف بناء المـــستوطنات فى الضفة، وأن تعزل القـــدس عن بقية الأراضى الفلسطينية بأحياء ووحدات سكنية جديدة.

بدأت بفلسطين لأنها فى يد عدو أجنبى يبرر الاحتلال بخرافات توراتية تناقض تاريخ المنطقة المسجل، غير أن بعض بلادنا لا يحتاج إلى استعمار جديد يضطهد المواطنين فحكومته كفيلة بذلك والمعارضة تساعدها.

أمامى سجل مصور لأحداث العام صادر عن جريدة «الجارديان» اللندنية، حظ العرب منه صورة للدمار والحرائق فى أحد أحياء حلب، وصورة أخرى لقـــناص فى وسط المدينة وخيوط النور تملأ مكمنه من ثقوب أحدثتها القذائـــف فى المـــبنى الذى اختار منه استهداف المدنيين (كانت هناك صورة أخرى لأولاد فلسطينيين يلعبون فى مقبرة فى قطاع غزة).

هذا إنجاز قصّر عنه العالم كله، النظام السورى والمعارضة يصران على الفوز فى المواجهة المسلحة، والنتيجة الوحيدة الأكيدة بعد حوالى سنتين من القتال تدمير مهد تاريخى للحضارة العالمية، وإذا كان هناك منتصر فى النهاية فهو قد يكرر كلمات الملك بايروس بعد نصر مكلف جداً فقد قال: "نصر آخر من هذا النوع ونكون انتهينا".

القتل والتدمير مستمران فى سوريا بأيدى أبنائها والإرهابيين المستوردين.

مصر نجت من القتل على الطريقة السورية، إلا أن التدمير أوسع نطاقاً، وهو يشمل مؤسسات الدولة المستقلة المعروفة، الرئيس والحكومة ومجلسى الشعب والشورى والدستور المزيف كلها من الإخوان للإخــوان، وغداً القضاء وقيادات الجيش والأمن.

هناك فى مصر 51 مليون ناخب والذين أيدوا الدستور عشرة ملايين، ما يعنى خُمس الناخبين فقط، وعلى رغم أن كثيرين فى المعارضة طالبوا بمقاطعة الاستفتاء على الدستور فقد عارضه ستة ملايين.

الأرقام تُظهر أن نصف المصريين على الأقل ضد الإخوان وحكمهم، وبدل أن تحاول الجماعة التفاهم مع المعارضين وإشراكهم فى العملية السياسية، فهى تحاول فرض مواقفها السياسية والاجتماعية والدينية على الآخرين لأنها ليست ديمقراطية، ولم تكن يوماً ولن تكون.

إذا نجح الحكم الجديد فى مصر فى إقالة الاقتصاد من عثاره وتوفير عيش كريم لأبناء الشعب، يكون حقق ما يعوّض عن سقطاته الأخرى كافة، وما يلغى انتقادى المستمر لأداء الإخوان فى الحكم، ولكن إلى أن يحدث هذا فالمعلومات والأرقام والتقارير الدولية تقول إن كل مشكلة شكا منها المصريون أيام حسنى مبارك زادت أضعافاً أيام محمد مرسى، ووصلت الآن إلى قناعة بأن أعتبر النظام نجح إذا تحسن أداء الاقتصاد المصرى، فأتجاوز وعوداً أخرى قطعها على نفسه الرئيس مرسى ولم ينفذ شيئاً منها.

لبنان ينقل معاركه إلى سورية مع النظام وضده، وليبيا لم تعد دولة وإنما أراها معسكراً مسلحاً والميليشيات تعمل ضد الديمقراطية، وتعطل الفترة الانتقالية وترتكب الجرائم كل يوم.

العراق لم يعد لنا واليمن فيه حكومة تتستر على قتل الطائرات الأمريكية بلا طيار المدنيين اليمنيين فى غاراتها المستمرة على مقاتلى القاعدة.

ليس الوضع فى كل بلد عربى بسوء ما سبق، غير أنه ســـييء إلى درجة أن القدس تضيع أمام عيون الأمة، فلا أجد المبرر لأهدى أحداً من القادة العرب فى البلدان التى اخترت عرض مشاكلها فى السطور السابقة هدية فى رأس السنة، وإنما أطالبه بأن يهدى شعبه خبراً مفرحاً كأن يستقيل مثلاً، إلا أنه لن يفعل فهو يقرأ كلمة «منحبك» فى كل مكان وينسى أنها بخط يده...

نقلاً عن الحياة اللندنية.
الجريدة الرسمية