«حكاوي المثقفين».. سر غضب إبراهيم طوقان من أمير الشعراء
لم يكن يعلم أمير الشعراء أحمد شوقي، في قصيدته المشهورة "المعلم"، ما سيحل بوضع المعلمين وأحوالهم.. وفي أغلب الظن أنه كتبها من برج عاجي، لم يذق المشقة التي يلاقيها المعلمون يوميًا.
وكانت تقول القصيدة:
قُـمْ للمعلّمِ وَفِّـهِ التبجـيـــــلا.. كـادَ المعلّمُ أن يكونَ رسولا
أعلمتَ أشرفَ أو أجـلَّ من الذي.. يبني وينشئُ أنفـسًا وعقولا
سـبحانكَ اللهمَّ خـيرَ معـــلّمٍ.. علَّمتَ بالقلمِ القـرونَ الأولى
لم يرق الأمر آنذاك للشاعر الراحل إبراهيم طوقان، والذي كان يعمل في التدريس إلى جانب شعره، فرد على قصيدة شوقي بقصيدة فيها من المرارة والسخرية من واقع المعلم الفعلي والعملي والاقتصادي والاجتماعي، رغم أن ظروف ومنزلة المعلم في عصر طوقان أفضل بما لا يقاس عمّا عليه المعلم في أيامنا الحاضرة.
وجاء رد طوقان يقول:
شوقي يقول وما درى بمصيبتي.. قم للمعلم وفــــه التبجيلا
اقعد فديتك هل يكون مبجـلا.. من كان للنشء الصغار خليلا
ويكاد يقلقني الأمـــير بقوله.. كاد المعلم أن يكون رسولا
لو جرب التدريس شوقي ساعة.. لقضى الحياة شقاوة وخمــولا
حسب المعــــــلم غمة وكآبة.. مرأى الدفاتر بكرة وأصــــيلا
مائة على مائة إذا هي صـلحت.. وجد العمى نحو العيون سبيلا
ولو أن في التصليح نفعا يرتجى.. وأبيك لم أك بالعيون بخـيلا
لكن أصلح غلطة نحـــــــــوية.. مثلا واتخذ الكتاب دلــــــيلا
مستشهدا بالغر مـــــن آياته.. أو بالحديث مفصلا تفصــــيلا
وأغوص في الشعر القديم فانتقي.. ما ليس ملتبسا ولا مبذولا
وأكاد ابعث سيبويه من البـلى.. وذويه من أهل القرون الأولى
فأرى حمارا بعد ذلك كـــلـه.. رفع المضاف إليه والمفعــولا
لا تعجبوا إن صحت يوما صيحة.. ووقعـت مابين البنوك قتيلا
يا من يريد الانتحـــــار وجدتـــه.. إن المعلم لا يعيش طـويلا