رئيس التحرير
عصام كامل

«ترامب» يعلن ميلاد «الناتو الإسلامى».. من الأراضى المقدسة وبمشاركة قادة عرب.. الرئيس الأمريكى يختار زيارة السعودية لتوجيه رسالة لطهران.. ومخاوف من خديعة أمريكية لتفكيك الجيشين المص

الرئيس الأمريكي دونالد
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

>> قوات إسلامية تلاحق تنظيم «داعش» في العراق.. وخطة أمريكية عربية لمحاصرة إيران خلف شط العرب
>> عملية برية واسعة النطاق في اليمن بدعم أمريكى.. ودور عسكري عربى في المناطق الآمنة بسوريا



«السعودية بقرة متى جف حليبها سنذبحها».. هذا التشبيه الصادم، منزوع الدبلوماسية، أطلقه المرشح الجمهورى لانتخابات الرئاسة الأمريكية، دونالد ترامب، خلال حملته الانتخابية، وتحديدا في شهر مارس من العام المنصرم 2016.

مضت الأيام والأشهر، واعتلى بعدها المرشح الجمهوري، صاحب أقسى تصريح ضد الرياض، سدة حكم الولايات المتحدة، وخرج علينا الأسبوع الماضى في خطاب أمام البيت الأبيض، قال فيه: “يسرنى اليوم، وبكل فخر، أن أوجه لكم، وأشارككم هذا الإعلان التاريخي، أن أولى رحلاتى الخارجية منذ توليت رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية ستكون إلى المملكة العربية السعودية”.


بين وصف ترامب للمملكة بـ”البقرة الحلوب”، وشعوره بالفخر لزيارتها، تكمن تفاصيل “فن الصفقة” التي قرر الملياردير الزاحف إلى عالم السياسة عقدها مع منطقة الشرق الأوسط والعالم الإسلامى.

وبدا واضحا، منذ البداية، أن الرئيس الأمريكى، الذي يدبر سياسته بعقلية رجل الأعمال، قرر منذ اللحظة الأولى، طرح بضاعته على المشتري، بشروط غير قابلة للتفاوض، أوضحها بأن زمن الحماية الأمريكية للسعودية انتهى، واشترط عليها المشاركة بقواتها العسكرية في الحروب، على أن يقتصر دور بلاده على تقديم البضاعة – السلاح-، وهو الأمر الذي الذي أكدته مصادر عسكرية بالبنتاجون، كاشفة عن وجود عقود تسليح بالمليارات يحملها “ترامب” داخل حقيبته، إلى الرياض.


قمة إسلامية أمريكية
من المؤكد أن يوم 23 مايو الجارى سوف يحمل فصولا جديدة في كتاب التاريخ العربى، أهمها قمة “ترامب” وزعماء العالم الإسلامى المرتقبة في الرياض، والمتوقع مشاركة الرئيس عبدالفتاح السيسي بها، إلى جانب حكام السعودية والكويت والإمارات والبحرين والأردن؛ للإعلان عن ميلاد تحالف عربى أمريكى لمواجهة الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط؛ بهدف تفعيل دور “الناتو الإسلامى” الذي شكله الأمير محمد بن سلمان، ولى ولى العهد السعودي، وزير الدفاع، وأوكل قيادته إلى قائد الجيش الباكستانى المتقاعد الجنرال رحيل شريف.


الناتو الإسلامى
انطلاق “الناتو الإسلامى” بات من المرجح بقوة أنه الهدف الأساسى من زيارة الرئيس الأمريكى إلى السعودية، بهدف انطلاق عمليات عسكرية عربية في ربوع المنطقة ضد تنظيم “داعش” الإرهابى، وهى الرؤية التي تبناها “ترامب” منذ حملته الانتخابية، حينما طالب العرب بالدفاع عن أنفسهم ضد الإرهاب، رافضا غرس أقدام جنود بلاده في مستنقع المنطقة، وحاملا شعار “أمريكا أولا”، كدليل دامغ على نية واشنطن عدم خوض حروب بالوكالة لحماية دول الخليج العربى بشكل عام، والمملكة بشكل خاص.


داعش وإيران
الرئيس الأمريكى القادم للعرب، حاملا بنود”أجندة حرب” ضد تنظيم “داعش” الإرهابى في المنطقة، لم تخلُ جعبته من رسالة إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي فضَل وضعها داخل عجلة الزمان، واختار لها العودة إلى ما كانت عليه عام 2003 قبل الغزو الأمريكى للعراق، مستغلا المخاوف التي تسيطر على المملكة والعالم الإسلامى من تمدد النفوذ الإيرانى، وقدم نفسه مخلصا من هذه الهواجس بمخطط محاصرة طهران خلف “شط العرب”، وتقزيم دورها المتعاظم في سوريا واليمن والعراق ولبنان.


رسالة طمأنة لإسرائيل
هبوط طائرة الرئيس الأمريكى في الرياض، تحمل كذلك رسالة طمأنة لدولة الاحتلال الإسرائيلى، ومن الواضح أنه اختار السعودية، العدو اللدود لإيران، بعناية فائقة؛ لتوصيل هذه الرسالة واضحة إلى إسرائيل التي يسيطر عليها الفزع من أحلام إيران النووية، وأثار الاتفاق النووى المعروف إعلاميا بمجموعة “ 5+1”، في عهد أوباما، قلقا بالغا لها، وتسبب في توتر حاد ومعلن بين تل أبيب والبيت الأبيض.


تدخل برى في اليمن
بعيدا عن الرسائل والأهداف الخفية والمعلنة من زيارة الرئيس الأمريكي، فمن المؤكد أن اليمن سوف يكون الوجهة الأولى لعمليات الناتو الإسلامى المرتقب تفعيله بمعركة برية فاصلة تنهى الأزمة التي طال أمدها، ودخلت عامها الثالث دون نتائج على الأرض.


بداية التحرك في اليمن يعد ترضية للطرف الثانى في العقد – السعودية - التي أنهكت المعارك الجوية ميزانيتها المالية، بصورة ألحقت ضررا بشعبية وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، وبدأت حملة لوم شعبى ضد هذه المعركة، لما تبعها من نفقات باهظة، وخسائر في الأرواح، وباتت العملية البرية ضرورة ملحة، لا مناص منها لتمكين حكومة الرئيس عبدربه منصور هادى – الشرعية - والقضاء على ميليشيات الانقلاب الحوثية، لضمانة إنهاء التواجد والنفوذ الإيرانى في الحد الجنوبى للمملكة لتأمين ظهرها قبل الانطلاق في عمليات عسكرية تجاه الشمال لملاحقة “داعش” ونفوذ إيران في بقية الهلال الشيعى.


تأمين المناطق العازلة
بالتزامن مع انطلاق عمليات برية واسعة في اليمن، سوف يولد دور جديد لقوات “الناتو الإسلامى” في تأمين المناطق العازلة الـ 4 في سوريا، التي تم الاتفاق عليها في مؤتمر “الأستانة” الأسبوع الماضى، وحصلت على مباركة روسية وأمريكية وسورية.

وتشير التسريبات حتى الآن لوجود دور عربى في هذه المناطق كقوات أممية لتأمين هذه المناطق، والمشاركة في الحرب على تنظيم “داعش”، خصوصا مع تأكيد الناتو، قبل زيارة ترامب للسعودية، بعدم نية حلف شمال الأطلسى التحرك العسكري في سوريا.


معارك الموصل
العراق، هو الآخر، مرجح بقوة وجوده ضمن “بنك الأهداف” الذي يحدده ترامب لقوات التحالف الإسلامى؛ بهدف إشراك هذه القوات في المعارك الدائرة بالموصل العراقية، أخطر معاقل تنظيم “داعش” هناك الآن؛ بهدف تحجيم نفوذ قوات “الحشد الشعبى” – الشيعية – الموالية لإيران، والدفع ببديل عربى سنى في المعركة؛ تمهيدا لطرد إيران بصورة كاملة من العراق، وهو مطلب حملة صهر “ترامب”، مستشاره السياسي “جاريد كوشنر” إلى النظام في بغداد خلال زيارته المفاجئة للعراق، أبريل الماضى، وتبعها حملة إقالة لقيادات أمنية بالجيش العراقى قيل إنها موالية لطهران.


الملف الليبي
الأزمة الليبية.. لم تكن بعيدة عن ترتيبات زيارة ترامب إلى المنطقة، والتي رتب أوراقها مع الزعماء العرب، الذين التقاهم في البيت الأبيض قبل إعلانه التوجه للشرق الأوسط، ودلل على ذلك اتفاق المفاجأة بين المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الليبي، وفائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي، والذي تم توقيعه في الإمارات، بعدما عملت مصر على إعداده خلال الشهور الماضية، وبدا أن دخول الإمارات على خط الأزمة صب في المقام الأول لملاحقة الدور القطرى في الغرب اللييبى ومساندة الدور المصرى في الشرق، بهدف محاصرة الميلشيات الإرهابية.


مخاطر مصاحبة
الصورة التي تم رسمها في السطور السابقة، رغم أنها تحمل إيجابيات حول ميلاد محور عربى قوى برعاية أمريكية،تحمل أيضا صورة قاتمة يجب الحذر منها، متعلقة في نية رجل الصفقات الأمريكية “ترامب” في توريط الجيوش العربية في حرب عصابات منهكة مع تنظيمات صنعتها بلاده ودعمتها ومولتها بالأسلحة والعناصر البشرية؛ بهدف إضعاف هذه الجيوش وتفكيكها، وعلى رأسها الجيشين السعودى والمصري، بعدما نجحت في تفكيك الجيش العراقى وإنهاء فاعلية الجيش السورى.


من جهته، قال اللواء نصر سالم، رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق، إن فكرة إنشاء ناتو عربى يمكن أن تشارك فيه دولا إسلامية ليست جديدة فقد طرحت كبديل لقوات حفظ السلام في الدول العربية الملتهبة مثل سوريا واليمن والعراق، مؤكدا أنه لم يتم التخطيط لها حتى الآن وكل ما تم هو الإعلان عن الفكرة فقط.


وأضاف أنه سيتم التخطيط لتشكيل هذه القوات حسب التهديدات التي تحيط بالمنطقة كما سيتم تحديد الأسلحة المستخدمة والتكاليف المادية لها، مؤكدة أن نجاح تنفيذ هذه القوات وإعدادها وتشكيلها يرجع إلى وجود إرداة سياسية عربية حقيقة حتى لا تنال مصير القوات العربية المشتركة التي لا أحد يعرف مصيرها حتى الآن.


وأشار سالم، إلى أنه ليس من الضرورى أن تشارك جميع القوات العربية في قوات الناتو العربى ويمكن تشكيلها من خلال انضمام مصر والسعودية والإمارات والكويت وأى دولة عربية ترغب في الانضمام يتم ضمها على الفور.


فيما رأي الخبير السياسي العراقى، سمير عبيد، أن زيارة الرئيس الأمريكى للسعودية حدث تاريخي كونه أول رئيس أمريكى تكون زيارته الأولى لبلد عربي ومسلم. وهذه دلالة لأهمية الزيارة وولادة الحدث التاريخي والذي سيتوج بالإعلان عن تحالف (أمريكى – إسرائيلي -سعودي – خليجي) ضد إيران والإرهاب، لا سيما وأن ترامب ومنظومته الحاكمة يعتمدون على سياسة الإشارات والرموز كون أغلب إدارته لديهم إيمان بأن هناك حرب مقدسة تدور مقدماتها في منطقة الشرق الأوسط!!


وأضاف: القضية باتت واضحة أن هناك تحضيرا لتحالف سيحاصر إيران ويجبرها على الانكفاء نحو الداخل الإيراني، خصوصا وأن أمريكا أغلقت الحدود العراقية السورية بالجيش السوري أي عزلت العراق عن سوريا عمليا، بهدف تشتتت أصدقاء إيران في الدول العربية، وسحب العراق سرا ليكون داعما للتحالف الدولي الذي سيولد في السعودية.

"نقلا عن العدد الورقي.."
الجريدة الرسمية