المتابعة المتمركزة حول المتعلم
تغيير أسلوب المتابعة في وزارة التربية والتعليم، وجعلها متمركزة حول المتعلم، تنطلق منه وتعود إليه، يجعل منها متابعة مثمرة وحقيقية، بدلا من التركيز على مظاهر إدارية أو أدائيات روتينية؛ دون أن يصب ذلك بنفع مباشر على المنتج النهائي للعملية التعليمية، ذلك المنتج المتمثل في جملة المعارف والمهارات والخبرات والسلوكيات التي ينبغي للطالب أن يكتسبها.
المتابعة بكيفية صحيحة حجر زاوية في منظومة التعليم، عمود فقري إن لم تُنفَذ مهامه على الوجه الأكمل قد يؤدي لضعف الاستفادة من الأفكار والمقترحات والتجارب والسياسات الكثيرة التي اقتبستها التربية والتعليم في الفترة الأخيرة، فهناك – من وجهة نظري – فصام بين رأس المنظومة وجسدها، ذلك الجسد البالغ (52) ألفا و(664) مدرسة، تُقدم فيها الخدمة التعليمية لعدد (20) مليونا و(641) ألفا و(409) طالبا، وهذا رقم فلكي بكل المقاييس يتوزع على مساحة شاسعة من أرض الجمهورية، ورغم كثرة عدد المتابعين وتنوع مهامهم مثلما أشرت في المقال السابق، إلا أنه لا يجمعهم خيط محدد ينطلقون منه، فكل يبحث عن شيء يخصه يختلف عن الآخر، وقد يصل الأمر لتلقي المعلم – المنفذ النهائي لأي سياسة تعليمية والعنصر الأهم في منظومة التعليم من وجهة نظري – قد يتلقى أحيانا تعليمات وتكليفات متناقضة من جهات مختلفة.
لكن كيف ننقل ثقل عملية المتابعة من الإداريات والروتينيات إلى جوهر المنتج التعليمي، إلى متابعة نواتج التعلم مباشرة، لتصبح هي مركز الاهتمام من كل جهة تتولى متابعة أداء المعلمين؟
لقد خَطَت الوزارة خطوة تحسب لها بتطبيقها نظام الغياب الإلكتروني، وأثبتت أنها قادرة على أن توجد في مواقعها الإلكترونية حسابًا لكل طالب، يتابع من خلاله غيابه، لماذا لا نتوسع في الفكرة ويصبح هذا الحساب يتابع أيضًا مستواه الدراسي، وهو دليل لكل متابع يأتي لأي مدرسة، بحيث يصبح من قدرته تسجيل ملاحظاته ومتابعاته لمستوى الطلاب، على أن يكون لكل متابع أو جهة إشراف عدد معين من الطلاب ينبغي أن يتم تسجيل مستواهم شهريا، أن يكون لدينا مؤشر إحصائي صادق وحقيقي لاحتياجات كل طالب، ولنقاط الضعف والقوة لديه، ومثلما يمكن لولي الأمر الاطلاع على غياب ابنه، يمكنه أيضا بل كل المهتمين يمكنهم الاطلاع على مستويات التلاميذ، وعلى تقدمهم أو تأخرهم الدراسي.
لكن كيف نصل لمتابعة دقيقة للمستويات الدراسية؟ وماذا سوف نفعل بهذه المؤشرات الإحصائية التي ستتولد حول نقاط القوة والضعف لمستويات الطلاب؟ ذلك ما سنتناوله في المقال القادم إن شاء الله.
waelnajmy@yahoo.com