رئيس التحرير
عصام كامل

وزير الري قال: اطمئنوا سد النهضة سيكتمل!


كلام متناقض، تطمينات وهمية وبيع الوهم للمواطنين الذين لم ينتبهوا جيدًا للتصريحات، ربما لأن كلمة «اطمئنوا» لديها دومًا طابع خاص عند المشاهدين أو المستمعين، أو ربما لأن الكثيرين لا يدركون تفاصيل الأمر.


الدكتور محمد عبد العاطي وزير الري في لقائه الأخير مع الإعلامي عمرو عبد الحميد على قناة «TEN»، جسد كل هذا وأكثر حتى أن عناوين أخباره كانت مثيرة للجدل والاستفزاز، ومع البحث عليها في أكثر من موقع ومشاهدة فيديوهات اللقاء ، تأكد أن الذي قرأته لم يكن ألاعيب صحفية في العناوين بل هي الحقيقة.

أول تصريحات وزير الري كانت طمأنتنا على مستقبل مصر المائي، ونحن نسعى أن يحول الكلام الشفوي إلى فعل، وأن إثيوبيا انتهت من إنشاء 60% من سد النهضة فقط، نعم قالها هكذا «فقط»، رغم أن تصريحات الصحف الإثيوبية تشير إلى أن نسبة الانتهاء 56% لكن وزيرنا «زود عليهم 4%»، دعك من هذا والسؤال ما الذي يطمئن في هذا؟!
 تصريح الوزير يعني أن أديس أبابا تعمل وفق خطتها التي تشير إلى بدء التخزين في يوليو المقبل «مسئولين أثيوبيين أعلنوا ذلك»، والأمر الآخر أن بدء التخزين يمكن بعده استكمال المنشآت.

أطمئنوا -الكلام لوزير الري- فإن مصر لم تتطرق لوقف بناء السد، نعم تلك حقيقة لكنها ليست مدعاة للاطمئنان، هذا يعني أنه لا مانع من استكمال كافة الإنشاءات، لا يوجد إلزام لأديس أبابا بوقف بناء السد فلها الحق في فعل ما تشاء وبالوتيرة التي تحقق نهضتها، ولتجميل كلامه قال وزير الري: نسعى أن يكون الأمر بعيدًا عن أي ضرر لمصر، رغم أن إعلان المبادئ نص على أن التغيير سيكون في حالة ضرر كبير، وهو يوجب وقوع الضرر لكن الحديث حول حجمه ناهيك عن تصريحات خبراء الري مؤكدين أن السد ضار لا محالة وإلا لما كان هناك تلك المفاوضات.

تصريحات وزير الري المُطمئنة لم تقف عند هذا الحد، فأكمل بتعليقه عن زيارة أمير قطر الأخيرة لإثيوبيا بأنها شأن داخلي، رافضًا الحديث عن أن هناك الكثير من الأيادي التي تلعب في أديس أبابا منها العربية ومنها الأفريقية والعالمية.

وأردف عبد العاطي في حواره بتصريحات لا تسمن ولا تغني من جوع، لا تقيم لها إثيوبيا وزنًا حين قال إن البنك الأهلي المصري هو من أنشأ البنك المركزي الأثيوبي، وأن المصريين جمعوا تبرعات هي الأكبر للجانب الإثيوبي، وقت الاحتلال الإيطالي لإثيوبيا.

ثم أكمل أن مصر خصصت القنصلية الإثيوبية، وقت الاحتلال الإيطالي، بمدخل قناة السويس، حتى تستطيع مراقبة حركة السفن الإيطالية، لافتًا إلى أنه من الضروري تأكيد الدور المصري في دعمه للشعب الإثيوبي عبر التاريخ، مشددًا على أن الملف المائي ليس ملف وزارة الري وحدها، ولكنه ملف الدولة المصرية بأكملها.

«يا فرحتي» يمكن أن يكون هو الرد الأنسب على كل هذا التاريخ الذي لا يمت للواقع بصلة، فالمسئولون الأثيوبيون لا ينظرون إلا إلى أنفسهم «وهذا حقهم» لكن ليس من حق وزير الري أن يخرج من عزلته الإعلامية ليقول للناس كلامًا كهذا في الوقت الذي يتحدث فيه الجميع عن كارثة في يوليو المقبل.
الجريدة الرسمية