«حكاية عبدالحميد».. مسن يرعى مريضا وأسرة يهددها الجوع.. تقرير
تزداد معاناة أسرة يحوم حولها شبح الموت في أسيوط، بين أب مسن وابن مريض لتنفق كل ما لديها على المرض.
الأب "عبد الحميد محمد"، تجاوز عمره السبعين عامًا لا يقدر على شيء فقد بلغ من الكبر عتيًا، وأنهكه صراع طويل مع المرض الذي لم يستثن ابنه "محمد" الذي اعتقد أنه سيكون سندًا له في كبره، ولكن إرادة الله قدرت منذ نحو 15 عامًا أن يصاب نجله الذي يبلغ من العمر الآن 35 عامًا، بمرض الدرن، وتسبب ضيق ذات اليد وعدم القدرة على نفقات العلاج في تطور حالته ليصاب بأمراض القلب، وتزداد معاناة الأسرة.
ومع غلاء المعيشة، أنفقت الأسرة الفقيرة كل ما لديها واقترضت لتكمل مصاريف علاج نجلها، ويتسبب المرض في حرمانهم من أبسط متطلبات الحياة الآدمية، حيث تتطلب تكلفة العلاج تدبير ألفي جنيه شهريًا.
تعيش الأسرة الفقيرة بقرية "سلام" ببيت أشبه بالكهف المظلم من طابق واحد، بعد أن تهدمت أجزاؤه العلوية، وتحول إلى عشة من الطوب لا توفر أبسط ظروف الحياة الآدمية لقاطنيها، ولكنها تقيهم برد الشتاء وحر الصيف، وهجوم الكلاب الضالة، فلا أحد يفكر أبدًا بالدخول إليه حتى وإن كان بدون باب، لأن اللص لن يجد شيئا به ليسرقه.
يقول عبد الحميد محمد، إنه يبلغ من العمر نحو 75 عامًا أو يزيد وجاء إلى هذه الدنيا فقيرًا لتزداد حياته فقرًا كلما تقدم في السن، وتشاء إرادة الله أن يصاب نجله الذي اعتقد أنه سيكون سندًا له ومعينًا على هذه الحياة، لينفق عليه وعلى شقيقته التي اقترب عمرها من الثلاثين عامًا، دون زواج.
ويضيف الأب أنه يواجه مصاعب تلك الحياه وحده بعد مرض نجله قائلًا: من يوم ما تعب وأنا اللي رجعت أصرف على البيت لحد ما كبرت دلوقت ومش قادر أشتغل، وأهل الخير بيساعدونا بأي حاجة يقدرهم ربنا بيها، ومش معانا غير ستر ربنا و300 جنيه بقبضهم من الحكومة شهريًا، والدنيا غليت ودول مش بيعملوا حاجة، ومصاريف علاج محمد أكثر من ألف ونص كل شهر وإحنا تعبنا قوي وهو معاه 3 عيال ومراته مش بتشتغل وعايشين على رعاية البيوت اللى بتساعدنا بأى حاجة".
ويشير الأب وهو يمسح وجهه وعينيه بثيابه البالية، إلى أنه لم يجد من يعينه على تلك الحياة، قائلًا: "إحنا تعبنا قوي، وشوفنا المر وشربناه من وإحنا وصغيرين وبنقول الحمد لله أهي عيشة والسلام، يمكن لو متنا يكون أحسن وولدى وعياله ليهم رب اسمه الكريم".