نورهان غنيم تكتب: هل يتحمل العامة أعباء تطلعات المترفين
ارتفعت خلال الأيام الماضية أسعار كثير من السلع وخصوصا الغذائية منها، نظرا لارتفاع سعر الدولار الأمريكي في مقابل الجنيه المصري الأمر الذي وضع الأسرة المصرية أمام تحدى كبير في تدبير أمور معيشتها والموازنة مابين مصادر الدخل والنفقات.
ومما لا شك فيه أن ثقافة الاستهلاك وهي من منتجات العولمة، تتخلل جميع قطاعات حياة الأفراد والجماعات، وخاصة شريحة الأغنياء خصوصًا التي تحرص على اقتناء السلع الكمالية كالأثاث الحديث والمجوهرات الثمينة والأغذية المستوردة، فنجد أن ما ينفق على هذه السلع ربما يكفي لتلبية حاجات عديد من الأفراد متوسطي الدخل في مجتمعنا.
من هذا المنطلق، وجد رجال الاقتصاد أن هناك إنفاقا متزايدا على الاستهلاك، وتراجع في معدلات الادخار، وكشفت الممارسات الاستهلاكية عن دلالات اجتماعية مثل اتخاذها عنوانا للوجاهة، والتميز الطبقي في مجتمع يعاني من اختلالات حادة، أبرزها الفروق الاقتصادية والاجتماعية الواضحة بين من يملكون ومن لا يملكون.
والوقع أن الانفاق الاستهلاكي الترفي لا يتفق مع أوضاع مجتمعنا الذي تثار فيه قضايا مصيرية ومتطلبات حيوية تحتاج توجيه هذه الأموال إليها. وهذا يعني، أنه لابد من توجيه عقلاني للأموال المتاحة لاستثمارها في المشروعات التنموية للمجتمع والحد من استهلاك السلع الكمالية والذي يمثل استنزافًا لثروة المجتمع ولا تعود بالفائدة عليها.
وتشير بعض الإحصائيات إلى أن 50 % من أفراد الشعب المصري يعيشون تحت مستوى خط الفقر مما يعني أنه لا مجال لديهم للإنفاق الترفي؛ ومن ثم يمكن استنتاج أن هناك فئة قليلة تعيش حياة مترفة، وأن هذه الفئة من الراجح أنها تكون قد حصلت على ملايين الجنيهات بلا عناء وبلا إنتاج ومن ثم لا يكون لها قيمة لديهم فيتم إنفاقها إنفاقا غير رشيد.
وتكمن المشكلة الأشد تعقيد في أن هذه الشريحة المترفة تكون قدوة سيئة ومثلا يحتذى به أصحاب التطلعات من أبناء الطبقة الفقيرة الذين يسعون إلى رفع مستواهم المعيشي فيلجأون إلى الأساليب الانحرافية في حل مشكلاتهم الاقتصادية مثل الاعتماد على الرشوة والعمولات؛ أو السرقة والاختلاس، وتكون النتيجة خلل النسق القيمي للمجتمع وازدواج المعايير الأخلاقية.