رئيس التحرير
عصام كامل

دفاعا عن الأزهر


شمر "النواب" عن سواعدهم، وأعدوا قائمة طويلة عريضة بأسماء من سيتوجهون للقاء إمام الأزهر؛ اعتذارًا عن تطاول زميل لهم، وتعبيرًا عن تقديرهم، وفخرهم، وإيمانهم العميق بقيمة ومكانة ذلك الصرح الكبير.


لماذا أقدم عشرات النواب على توقيع مشروع القانون الذي مثَلَ مساسًا بهيبة الأزهر وشيخه، وإهانة لقيمته، ومحاولة للنيل منه؟! لماذا تجرأ النائب محمد أبو حامد على إعداد مشروع القانون من الأساس؟! وهناك أسئلة محيرة لن نجد لها إجابات بعد أن أجهضت المؤامرة، وانتهت الأزمة.

ولفت نظري كلمات قيلت دفاعًا عن المؤسسة والإمام.. من بينها ما قاله العالم الجليل، شيخ الطريقة الشاذلية الفاسية، التي يمتد مريدوها من حلايب وشلاتين جنوبًا، إلى الإسكندرية والإسماعيلية ومطروح شمالًا، ولها بعض التلاميذ خارج مصر، خاصة في أوروبا وآسيا.. يقول الشيخ محمود أحمد سليم، دفاعًا عن الأزهر وشيخه الإمام أحمد الطيب:

"إنني مع الأزهر الشريف ككيان عظيم، ومنارة للإسلام ومرجعية دينية حيدة في العالم الإسلامي.. مؤيد لفضيلة الإمام الجليل المؤدب الشيخ الفاضل أحمد الطيب، ولا نقبل الإهانة له ولا لرموزه، ونرفض التشهير بهذا الصرح الديني الذي تخرج منه علماء أجلاء.. وكل ما نتمناه من هذا الكيان الاتجاه والسير بنا إلى منهج التوحيد الحقيقي والميسر، وليس منهج المتشددين لأننا خير أمة أخرجت للناس وقائدها "صلى الله عليه، وآله، وصحبه، وسلم" رحمة للعالمين.. وندعو الله أن يوفق أزهرنا لما فيه الخير للمسلمين، وللعالم الإسلامي".

أما العارف بالله الشيخ صالح الجعفري، رحمه الله، منذ نحو ثلاثين عامًا، فقد قال: "الأزهر هو الأزهر، شرع إلهي، وميراث محمدي، محفوظ بحفظ ما فيه، لأنه حوى القرآن وما فيه من فنون.. ترفرف فوقه روح صاحب السنة، إذ فيه سنته النبوية، وعلماء أمته، الذين هم ورثته وخلفاؤه، فهو مكان نظر الله تعالى وعنايته، وموضع الذين استشهد بهم على وحدانيته.. فهو يحوي العدول، وبه العدالة تعرف ومنه تبعث، ولا يظلِم إذا أظلم الكون، وفيه الحجة، واضح المحجة، فيه استبصار لجميع المسلمين.. مرفوع الذكر والدرجات برفع الله تعالى لعلمائه، فلا يخفضه خافض، فمن دنا منه رُفع، ومن عاداه وُضِع، وله سيف قاطع، وبرهان ساطع، وتجارة لن تبور، ومنافع في مشارق الأرض ومغاربها فهو كالغيث للنبات.

فيه الذين اصطفاهم الله، فهم صفوة الله في عباده بعد رسله، فلله تعالى اصطفاء في كل زمان، وجعل لمصر الحظ الوافر من هذا الاصطفاء بأزهره الذي رفع شأنها، وأعلى ذكرها وجعلها كعبة للقاصدين ورحمة للمسلمين. ولا يكون وإرثا حقًا حتى يعلم ما في الكتاب، وللأزهر في ذلك القدم الراسخ، والباع الطويل، واليد العليا.

وجعل الله الأزهر موضع التفقه في الدين، وإليه الهجرة والنفرة، وبه الإنذار للشعوب والأمم، فهو أزهر الأمة المحمدية على اختلاف ألسنتهم وألوانهم، وهو مكان لزيادة العلم التي أرشد الله تعالى إليها نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله "وقل ربي زدني علما".

وهو مكان الحسنى وزيادة "للذين أحسنوا الحسنى وزيادة"؛ فالحسنى هى العلم، والزيادة، هى الزيادة منه والتفهم فيه، والتبحر في معانيه، هذا في الدنيا.

وفيه رجال المعاهدة الصادقون، الذين حافظوا على التراث المحمدي من غير تبديل ولا تغير؛ من مات منهم، مات على ذلك، ومن عاش منهم عاش على ذلك، وفيه رجال الأمر والاستنباط، الذين أمر الله الشعوب إن ترد الأمر إليهم "ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم".

الجريدة الرسمية