رئيس التحرير
عصام كامل

وصفة صندوق النقد مدمرة لمصر


فى الوقت الذى يهتم فيه صندوق النقد الدولى بشدة بمد نفوذه وأمواله لمصر، تتنامى المخاوف بشأن سياسات تأتى على نمط سياسة الولايات المتحدة، وبشأن مدى شرعية الرئيس مرسى.


إن كثيرين من المصريين العاديين يرون الصندوق، الذى يقع مركزه الرئيسى فى واشنطن، ممثلا لسياسات تدعمها الولايات المتحدة، سعوا للتخلص منها عندما اعتصموا بميدان التحرير قبل عامين خلال الربيع العربى، كما أن إلغاء الدعم على السلع الغذائية والوقود، الذى يأتى على جدول أعمال الصندوق، يعد أمرا مثيرا للجدل فى بلد شهد من قبل "انتفاضة الخبز".


إن مصر فى حاجة ماسة للسيولة المالية، واحتياطها المالى يتقلص لدرجة قد لا تتمكن فيها من توفير ما يلزم لاستيراد الغذاء والوقود، لكن معارضين يقولون إن الإجراءات الخاصة بتخفيض الدعم ورفع الضرائب، التى تتفاوض بشأنها الحكومة مع الصندوق، مماثلة بشكل مذهل للإصلاحات التى تبناها نظام مبارك، وهو ما تقوله مهجة كمال ينى، الخبيرة بمنظمة أوكسفام، من أن وصفة صندوق النقد الدولى للاقتصاد المصرى ستكون فى الواقع مدمرة للغاية، إنهم لا يريدون قبول أن هناك طرقا أخرى لزيادة دخل الحكومة، كما أن تراجع السيولة المالية يرجع لهشاشة شرعية الرئيس الجديد محمد مرسى، وما يرتبط بذلك من اضطراب يؤدى لعدم استقرار المستثمرين والأسواق، إن الصندوق يحمل الأزمة للوضع الاقتصادى، لكنها فعليا ناشئة عن الوضع السياسى.

ويقول سرجون نيسان، الخبير والمحلل المالى الدولى: إن صندوق النقد الدولى عازم على مد نفوذه للبلاد التى جلب الربيع العربى لها الديمقراطية، فى محاولة يائسة لإقراضهم، فأوربا غارقة فى مستنقع، وشرق أوربا ليست مكانا جيدا للإقراض، والشرق الأوسط منطقة بالغة الأهمية للولايات المتحدة، الممول الأكبر للصندوق، ولديها بالمنطقة مصالح جيوسياسية كبرى، وصندوق النقد الدولى يولى بشكل واضح أولوية لدعم هذه المنطقة، ومصر هى البلد المفتاح لها.

إن نيسان يرى أن الصندوق يجب أن يأخذ حذره وهو يدخل فى مفاوضات مع نظام توضع شرعيته محل تساؤل بشكل كبير منذ أن منح الرئيس مرسى لنفسه سلطات كاسحة، فى إشارة إلى الإعلان الدستورى الذى أصدره الرئيس فى نوفمبر الماضى وألغاه لاحقا، فى ظل تأجيل الانتخابات البرلمانية لنهاية العام.

إن الأمر المثير للقلق هو رغبة الصندوق فى العمل فى مصر ودول أخرى تمر بفترة انتقالية، دون أن تكون هذه البلاد بشكل ضرورى تحوز صلاحيات ديمقراطية، والصندوق يجب عليه بشكل مغاير أن يمنح قروضا عاجلة، بشروط ميسرة، وعلينا ألا ننسى أن الحكومة المصرية رفضت عرضا مماثلا من قبل.
* نقلاً عن الجارديان
الجريدة الرسمية