مصر بين دولة السيسى ودولة الجماعة 32
لقد عبر الرئيس محمد حسنى مبارك فى أول جلسة من إعادة مُحاكمته، بابتسامته البسيطة جداً عن النصر الذى أحدثه وحده، كرجل لم يهرب من بلاده ليعيش حُراً فى بلادٍ بعيدة، بينما اختبأ من يُدعى بالثوار خلف الكلمات، وقالوا فى مجملهم إن "ابتسامته تدل على فشل حُكم الإخوان، ولكن الثورة مستمرة فى تحقيق أهدافها" وكأن النكسة قبل مرسى كانت قد حققت شيئاً يذكر غير الخراب!!
ولم يعد أحد يعرف ما هى أهداف تلك النكسة؟ إلا إن كانوا يدافعون عن أنفسهم فقط بتجسدهم فى الفشل كعبيد له، يبررونه ولا يستطيعون الاعتراف بأخطائهم، فيما يمكن أن يوصف "بمتلازمة ميدان التحرير"، ولم يعد لهم رؤية حول المُستقبل ولكن حول بقائهم فى الساحة، بعد أن أثبتوا أن هدفهم الوحيد هو خراب مصر!!
وهذا طبيعى فى ظل ظن من يُعرِفون أنفسهم بالليبراليين خطأً بأن الليبرالية هى تعبير عن انفلات أخلاقى وسب بلا حدود للآخر، بينما الفكر السياسى ليس به إسفاف كما بدا من الميدان، ويتأسس من قلب المُجتمع ويُعبر عنه بحكمة!!
كما أن الليبرالية تقوم على المعرفة، وقد ظهر كم جهل القائمين على تلك المدعوة ثورة، فى انعدام علمهم بما يعنيه مُصطلح "مدني" أو "رئيس مدني" أو المعلومات الأساسية من تاريخ مصر!!
وتقوم الليبرالية أيضاً على التعامل مع كل التيارات السياسية، إلا التيارات السياسية "الإقصائية وطناً أو ديناً"، وبالتالى فإن دفاع الليبراليين المُستميت فى البداية عن الإخوان، لم يكن إلا تعبير عن فكر "هُلامي". والتحالف ما بين الأحزاب الليبرالية والإخوان كان تصريحًا بالتخلف فى الرؤية السياسية، ليس فقط من وحى تاريخ الإخوان ولكن أيضاً من وحى مبدأ الفكر فى حد ذاته!!
ولا يمكن لمن يؤمن بالليبرالية أن يشترك فى إعمال محاكم التفتيش أو قوائم سوداء للخصوم إلا لو أنه لا يعرف ما تعنيه الليبرالية من سيادة القانون وعدم الإقصاء إلا وفقاً له!!
وبالطبع لا يمكن لأى فكر سياسى وعلى رأسه الليبرالية، أن تقوم بالإملاء على القضاء بأحكام الإعدام أو السجن ولكن تترك الأمر للقانون ليأخذ مجراه!!
لقد تصرف من أطلقوا على أنفسهم لقب ليبراليين، فى تلك المدعوة ثورة، وكأنهم مُتأسلمين أو اشتراكيين ثوريين!! لقد باعوا كل مبادئهم وكانوا يتكلمون براديكالية شديدة، رغم أنهم لم يصلوا إلى مرتبة الثوار حقاً ولم يصل أحد فى الميدان إلى تلك المرتبة.
فهم وصلوا فقط إلى مرتبة الفوضى، لأنهم جميعاً لم يحققوا شيئاً يُذكر حتى هذه اللحظة، إلا إن كنا نتكلم عن ظهورهم المُتكرر على الفضائيات، متحدثين عن المواضيع المطروحة فيها دونما أى أهداف يمكن أن تبقى للذاكرة فيما يتعلق بما يمكنه أن يفيد مصر!!
وبالطبع، لا يوجد لدينا فى مصر إلا قلة ضئيلة من الأحزاب الليبرالية ليس من بينها تلك التى أيدت النكسة، لأن النكسة كلها بُنيت على الإقصاء من يومها الأول، وهو ما يتعارض كلياً مع الليبرالية كفكر سياسي!!
وكان تحليلهم لابتسامة مبارك دليل على أنهم مُغيبون عن الشعب المصرى كلياً، وغافلون عن رؤية الشعب لهم وفرحته بتلك الابتسامة لأنها دلته على قرب الخروج مما يعانيه بسببهم.
فقد أصبحوا مكروهين أكثر من أى وقت مضى إلا من المغيبين مثلهم من ساكنى الأبراج العاجية سواء قبل أو بعد 25 يناير 2011!!
لا .. لن تسقط مصر!!
وللحديث بقية ..
والله أكبر والعزة لبلادى،
وتبقى مصر أولاً دولة مدنية