«عم زكي».. 76 عاما يبحث عن «اللقمة الحلال»
تسلل ضوء خافت، حيث يلقي جسده، لامس عن استيحاء ممرات وجهه، جفناه تباعدا؛ ليكشفا عن عينين تحاول النهوض، ففي الخارج مستقبل ثقيل، همَّ للنهوض، إلا أن شيئا ما يجذبه لحيث ينام، فشباب الجسد قد ولى، ولم يبق منه سوى أعضاء تصارع من أجل البقاء.
«زكي أحمد» أو كما يطلق عليه «عم زكي»، 76 عاما، اغتصب منه الزمن كل شيء، أفقده «عذرية الكهل»، فلا مناطق محرمة لديه، سنوات العمر مبعثرة على «أسفلت» شارع النخلة بالمنصورة.
الزمن طبع أوجاعه فوق «وجهه»، فالمنحنيات تحكي عن مرارة الأيام التي عاشها، عصاه سنده لمواجهة انكسارات الدنيا، حذاؤه الممزق يتحدث عن الممرات الضيقة التي كانت طريقه طوال الـ76عاما.
في الخامسة صباحا يبدأ يومه، يخرج من منزله مستندا على عصاه، وحزامه ملفوف حول خصره، يسحب من خلاله «عربة خشبية»، يتنقل بصعوبة بين شوارع المنصورة؛ لجمع الـ«كراتين»؛ لبيعها، وجمع ثمنها لسد احتياجاته.
معاناة «عم زكي» لم تكن يوما سبب ضجر أو تذمر، لكنه دائما ما يشعر بالرضى، يقاوم المرض بالعمل لسد احتياجاته، يجمع كل يوم «الكراتين» و«الأوراق» ويبيعها بمبالغ مالية بسيطة، ولكنه راض بما يقسمه له ربه بعد كل يوم من العمل.
في شقة سكنية صغيرة بمنطقة الجلاء، في مدينة المنصورة، يعيش «عم زكي» بالإيجار، مع أسرته، المكونة من «الابنة» و«الزوجة»، وهو العائل الوحيد لهما.
«عم زكي» لم يعتمد يوما على الآخرين، فيقول: «أعمل من صغري ولم أعتمد على مساعدة الآخرين، بالرغم من مرضي في العظام، ولكنني أعلم أن العمل عبادة، وسأظل أعمل حتى نهاية عمري، بالرغم من مساعدة الكثيرين لي، ولكنني أعشق العمل؛ من أجل أن أطعم أسرتي بالحلال».
ويضيف: «بجمع الأوراق والكراتين وأقوم ببيعها وأرضى بما يقسمه ربي كل يوم.. ولكن كل ما أتمناه أن أزور بيت الله».