رئيس التحرير
عصام كامل

«تحالف الكبار».. سياسي عربي يكشف: محور رباعي بقيادة القاهرة والرياض يتبنى خطة لإنهاء الصراع في سوريا ومواجهة نفوذ إيران بالمنطقة.. وإغلاق ملف جزيرتى «تيران وصنافير» بشكل نهائى

الرئيس عبد الفتاح
الرئيس عبد الفتاح السيسي

عقب انفجار منطقة الشرق الأوسط بالخلافات بين الأشقاء العرب، بدأت تترسم ملامح تفاهمات إقليمية مهمة، عكستها زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى السعودية خلال الأسابيع القليلة الماضية، وأكد ذلك أيضا حفاوة الاستقبال التي حظي بها الرئيس المصري وقت وصوله العاصمة السعودية "الرياض"، وحرص الملك سلمان بن عبد العزيز على استقباله شخصيًا هناك.

ومنذ عودة "السيسي" إلى القاهرة، تلاحق الزيارة علامات استفهام كثيرة تبحث عن إجابات في ظل تلبد سماء العلاقات بين القاهرة والرياض بغيوم الخلافات خلال الشهور الماضية، على خلفية أزمة جزيرتي «تيران وصنافير» والتضاد في الملفين السوري واليمني.

الدقائق التي جمعت الملك والرئيس، ما تسرب عنها في الإعلام لم تقدم إجابات كافية لكم الأسئلة المطروحة حولها، لكن في المقابل حمل بيانها الختامى ملامح طى صفحة الخلافات وانطلاقة ليست إلى المستقبل بقدر ما هي عودة إلى الخلف لإحياء سنوات التحالف الإستراتيجي بين جناحى الأمة العربية، وربما إعلان رسمي لعودة محور "الاعتدال العربي" لمواجهة نفوذ إيراني متشعب أشبه بخلايا سرطانية في جسد الأمة.

خلافات إخوة
سياسي عربى تواجد في القاهرة خلال الأسبوع الماضى، حمل في جعبته الكثير من المفاجآت عن مستقبل العلاقات العربية العربية، وكشف لـ"فيتو" معلومات مهمة للغاية حول شكل التحالفات الإقليمية المرتقبة والمستهدف منها، ودور محور القاهرة والرياض في قيادة حراك سياسي يفتح آفاق جديدة لأمة مأزومة.

المصدر استهل حديثه بتأكيد انتهاء الخلافات بين مصر والسعودية، معتبرا أيضا أن الخصومة كانت داخل بيت واحد بين أشقاء، ولم ترق للفراق مثلما عنونتها بعض وسائل الإعلام التي صنفها لقسمين، الأول منحه لقب "المنفلت" والثانى أطلق عليه مصطلح "العميل"، مشيدا بالحكمة التي تمتعت بها قيادة البلدين في احتواء الأزمة وعدم الانجرار خلف متربصين اعتمدوا سياسة رمى "جمرات النار" في العناوين المغلوطة، وهدفوا إلى إحداث وقيعة كبرى تنتهى بالفراق، مذكرا بما أشيع حول سحب السفير السعودي بالقاهرة أحمد القطان، وما رُوج حول دعم المملكة لجماعة الإخوان، المصنفة إرهابية.

السياسي العربى، الذي تحفظ على ذكر اسمه رغم إيجابية حديثه، وضع المنطقة والعلاقات المصرية السعودية تحت جهاز أشعة كاشف، شخص الداء ووصف الدواء.

تيران وصنافير
في مستهل تشخصيه للأزمات فضل، السياسي العربى، الانطلاق من أزمة جزيرتى "تيران وصنافير"، مؤكدا أن الملف برمته بات في عداد الموتى، ولن يُسمع له ذكر خلال الفترة المقبلة، بعدما استشعرت المملكة خطورته في تأزم العلاقات بين شعبين يربطهما تاريخ مشترك، وبحسبه فضل الجانبان –الرياض والقاهرة- تخطى القضية وتركها للزمن، والعمل سويا على حلحلة ملفات المنطقة التي أصبحت دولها مهددة بالانهيار.

الأسد وسوريا
بعيدا عن "تيران وصنافير" التي رفض قولها صراحة مكتفيا بالتلميح إلى إلغاء الاتفاقية برمتها، انتقل السياسي العربى إلى الخلاف الثانى الذي تسبب في تعكير الأجواء بين العاصمتين، مؤكدا أن الجميع الآن لديه قناعة راسخة بضرورة الحفاظ على وحدة سوريا، بعيدا عن تواجد الرئيس السوري بشار الأسد من عدمه الذي لم يعد تنحيه أو إزاحته مقلقة للأطراف العربية، بقدر استشعار خطورة تفكك الدولة وتماسكه، مشيرا إلى أن جهود بعض الأطراف المعنية التي تدخلت للوفاق نقلت للرياض مخاوف القاهرة التي تعتبر دمشق بُعدًا استراتيجيًا لها، وما يعنيها هو بقاء الدولة متماسكة خشية تحولها إلى بؤرة تصدير للعناصر المتطرفة إلى دول الجوار.

في المقابل أيضا – والحديث لا يزال للمصدر ذاته- نقلت الأطراف مخاوف المملكة إلى مصر، من مغبة سقوط سوريا هي الأخرى في رأس الهلال الشيعى الذي ترسم إيران وتخطط لمده منذ عقود، خصوصا عقب سقوط لبنان والعراق رسميا داخل هذا الهلال ويتم مصارعة دورها في اليمن، لافتا إلى أن الجميع متفق الآن على ضرورة خلق حل سياسي توافقى يضمن للأطراف المعنية تحقيق مأربها هناك، إلى جانب العمل على إخراج إيران من المعادلة برمتها.

انقلاب اليمن
وعلى صعيد الأزمة اليمينة انتقل المصدر لتوضيح الخلافات والتفاهمات، مؤكدا أن الإمارات هي الأخرى دخلت المعركة وتدفع من ثوراتها ودماء أبنائها الكثير بهدف إنقاذ الدولة هناك من السقوط في يد طهران، وحماية لمصر والبحر الأحمر الذي يربط الدول العربية واختراقه سوف يعد تهديدا وجوديا للجميع بعدما توغلت ميليشيات طهران بريا في العمق العربى.

وأضاف: الإمارات تلعب هذا الدور دون أي أطماع، لكنها تدخلت لإنقاذ الموقف وعدم ترك السعودية منفردة في هذه المواجهة، وأيضا لإيمانها بضرورة ترك الفرصة لمصر للنهوض من كبوتها السياسية والاقتصادية وعدم تورطها في معركة حربية خلال فترة النقاهة التي تمر بها من سنوات عجاف حبسنا جميعا بسببها الأنفاس، وبتنا ننتظر عودة الشقيقة الكبرى للعب دورها، وترك دفة التحكم في يدها ويد المملكة العربية السعودية لقيادة سفينة الأمة التي تصارع أمواجا عاتية تهددها بالغرق.

مواجهة العدو
عقب تشخيص الداء شرع المصدر في الحديث عن الدواء الذي وضعته الدول العربية الفاعلة الآن، وكان سببا مباشرا في طي الخلافات بين مصر والسعودية.. الداء أنصب على ما اعتبره "سرطان إيران" الذي يتغلل في جسد الأمة واستغل غياب القاهرة عن شريكتها الرياض، ويمارس ابتزازا إقليميا غير مسبوق، الأمر الذي دفع الأشقاء للعودة إلى البيت الواحد لترتيبه من الداخل بهدف الانطلاق نحو المحاصرة والمواجهة، مبينا في حديثه أن الخلايا السرطانية الإيرانية التي تنتشر في جسد الأمة اختار المعالجون لها العلاج عن طريق قتل الخلايا، واحدة تلو الأخرى في ظل صعوبة استئصالها واستمرار تفشيها.

تحالف إقليمي
وكشف عن ميلاد تحالف إقليمي يضم "مصر والسعودية والإمارات والأردن"، سوف يكفل له خلال الفترة المقبلة وضع حلول ناجزة وسريعة للأزمات التي تعم الدول العربية بهدف تحصين جسد الأمة من الاختراق الإيراني، مشيرا إلى فتح قنوات اتصال مع روسيا لإقناعها بالمخاطر التي تحيط بالدول الإسلامية السنية، في ظل الهيمنة الإيرانية ومشروعها الفارسي في المنطقة العربية، الأمر الذي تفهمته موسكو وبدأت في التنسيق مع المحور العربى لخلق حل سياسي في سوريا يحقق طموح الجميع والتعهد بتماسك مؤسساتها، ودفع النظام السوري للمرونة مع حل توافقي يضمن بقاء مؤسسات الدولة، وترك فرصة كاملة لحزب البعث الحاكم في تقديم بدائله.

ورغم عدم إعطائه جوابا واضحا متعلقا برحيل "الأسد" من عدمه، أكد المصدر أن الرئيس السوري ليس لديه أزمة في ترك منصبه، وأنه عرض الأمر بشكل سري على موسكو ودول إقليمية أخرى، لكن الضغوط التي تمارس عليه من بعض أفراد أسرته سبب تأخر إعلان القرار الذي يرى الروس أيضا أنه يوفر أرضية مناسبة، لإنهاء الأزمة وحماية الدولة من حالة الاقتتال الداخلي الذي تعيشه منذ أعوام.

تأمين البحر الأحمر
"العلاج الحداثي".. مصطلح اختاره السياسي العربي لشرح خطة إنهاء الأزمة اليمنية، معتبرا أن سياسة تغييب الوعي التي مارسها الرئيس السابق علي عبد الله صالح، بهدف إحكام قبضته على الدولة لعقود، السبب المباشر لما يعانيه التحالف العربي وبلاده في اليمن الآن، ومبينًا أن دول التحالف العربي اختارت منهج تحديث العقل اليمنى لخلق حل شعبي داخلى، وأنها – قاصدا أبو ظبي- تسير بالتوازي في تقديم منح تعليمية وصحية وترفيهية للمناطق التي يتم تحريرها، وبدأت هذه العملية تؤتى ثمارها بالداخل مع ظهور عقول بدأت في لفظ الخطاب القبلي والديني المتشدد.

وأكمل: العمليات العسكرية لن تدوم ولن تخلق حلا جذريا للأزمة، والهدف الأساسي الآن هو حماية البحر الأحمر، وهو ما يبرر إنشاء قواعد بحرية هناك في ظل الحصول على تقارير تكشف خطة إيران للسيطرة على "باب المندب" من خلال عناصرها بصنعاء لمحاصرة العرب من البر والبحر.

وهنا يبرز الدور المصري بقوة - بحسب كلام المصدر- خصوصا أن الجميع على قناعة بضرورة تجنب مصر الدخول في معارك برية هناك، لكنها بقوتها العسكرية الآن قادرة على لعب دور قوي في هذا الأمر لتأمينه، وهو دور لا يقل خطورة عن العمليات التي تتم على الأرض، موضحا أن اختراق البحر الأحمر سيكون بمثابة المسمار الأخير في نعش الأمة العربية، والغياب المصري خلال السنوات الماضية سهل على إيران وضع الخطط العسكرية المائية، ونشطت بقوة في دول القرن الأفريقي على أمل الحصول على قاعدة عسكرية هناك وأفسدت السعودية والإمارات هذه الخطة، لكن كما أسلفت سابقا هذا الدور لن يغني عن الدور المصري في هذا الأمر لتأمين الأمة من غزو الفرس للبحر الأحمر وإغراقنا في دوامة فوضى.

الدور القطري
"دور قطر انتهى".. بهذه العبارة القاطعة أجاب المصدر عن سؤال "فيتو" حول الدور القطري الرامى لزرع الفتنة بين الدول العربية وإفسادها أي تحالف بينها، موضحا أن الدوحة لعبت خلال الأعوام الماضية على الفوضى التي تجتاح مصر بشكل خاص وظهورها في تونس وليبيا كان مجرد "بروفة" للتدريب على هدفها الحقيقي من تمكين الإخوان في مصر واصطياد دول الخليج الواحدة تلو الأخرى، والهدف الثانى بعد القاهرة كانت أبوظبي لطبيعة النظام الكونفدرالي الذي يسهل اختراقه، وفصل الإمارات واحدة تلو الأخرى وإشعال الحروب بين القبائل وتسليم الدولة للإخوان والسيطرة عليها من خلف الستار.

المصدر واصل حديثه: بعد مصر والإمارات تحل السعودية وبتدميرها تستطيع إعلان وفاة العرب رسميا، دور قطر كان معروفا وهى لم تكن لديها شيء تخسره من الأساس، علميا هي مجرد دولة صغيرة تقع في حماية قاعدة عسكرية أمريكية وليس لديها سيادة بالمعنى المفهوم لتخسرها بالمنطقة، وتصعيد جماعة الإخوان في القاهرة وسقوط العواصم العربية الواحدة تلو الأخرى بيد أفرع التنظيم حلم ظل يراود الإمارة على أمل التموضع في قالب دولة تدير الإقليم.

انتظروا مصر
وتابع: مصر التي تعود تدريجيا وتنهض من كبوتها أعادت قطر إلى حجمها الطبيعي في المنطقة، وهذا الأمر هو ما يثير غضاضة الدوحة التي أنفقت مليارات على مشروع الإخوان، ورغم المشكلات الاقتصادية التي تعتري القاهرة الآن وتعطل عودتها سريعا، لكننى أقول انتظروا مصر خلال خمسة أعوام حتى الشعب المصري نفسه سوف يفاجأ من النهضة والقوة الاقتصادية لها ونعمل جميعا لمساعدتها على تحقيق هذا الأمر.

التعامل مع ترامب
الحديث عن التحالفات العربية والتفاهمات مع روسيا فرضت أمريكا نفسها عليه بقوة، واعتبر السياسي العربي وجود ترامب رغم المخاوف منه "فرصة مواتية" فهو يريد إنهاء التنظيمات الإرهابية كما وعد ناخبيه، ويهدف التوجه إلى شرق آسيا لمواجهة النفوذ الصيني، وفى السياق ذاته يهدف لخلق محور عربي بالمنطقة لديه نفس المخاوف من إيران ومشروعها النووي وميليشياتها المسلحة المنتشرة في المنطقة.

"نقلا عن العدد الورقي.."
الجريدة الرسمية