رئيس التحرير
عصام كامل

«بيع الجنسية» مهزلة حكومية


هل يعتقد شريف إسماعيل ومن معه في الحكومة أنهم امتلكوا مصر، حتى يبيعوا ويفرطوا في كل شيء، معتقدين أن الشعب ضيوف عندهم؟! سؤال يفرض نفسه إزاء النهج العبثي والمهازل الحكومية التي يتحمل أعباءها الشعب دون أدنى إحساس بمسئولية تجاهه، أما البرلمان الذي انتخبه الشعب للدفاع عنه ومراقبة الحكومة ومحاسبتها، فاتضح أنه ذراع حكومية تمرر ما تريده!!


فشلت حكومة شريف إسماعيل في جذب استثمارات، ولم تتمكن من تشغيل المصانع المتوقفة، وحتى منظومة القمح الناتج من مشروع الاستصلاح الزراعي سرقته مافيا الفساد، وعجزت عن الترويج السياحي، كما فشلت في توفير احتياجات الشعب، ولم تستطع مواجهة عصابات الدولار فكان اللجوء إلى الحل السهل بالاقتراض، الذي فرض تعويم الجنيه، وضاعف التضحم لمعدلات خطيرة وزاد الأسعار بشكل يومي في ظل انعدام الرقابة الحكومية، ونتيجة فقدان السيطرة تدخل صندوق النقد مجددًا ودعا الحكومة لاتخاذ إجراءات رادعة للجشع والتحكم في الأسعار وخفض معدل التضخم.

حكومة إسماعيل وجدت نفسها متورطة، ولعدم قدرتها على الابتكار وإيجاد الحلول، تلجأ دائمًا إلى الحلول السهلة لتوفير العملة الصعبة، وبعد إغراقنا في القروض، قررت التفريط والبيع اعتمادًا على وجود برلمان يوافق على مقترحات للحكومة، غير آبه بالشعب أو الأمن القومي أو النتائج الخطيرة لاقتراحات حكومة "تبيع المواطنة" من أجل توفير حفنة دولارات.

آخر العبث الحكومي مشروع قانون "بيع الجنسية المصرية" مقابل وديعة بنكية لمدة 5 سنوات!! هذا الاقتراح سبق تداوله إعلاميًا قبل أكثر من عام ووجد معارضة شديدة، لكن أن تتبناه الحكومة وترسله إلى البرلمان وتوافق عليه لجنة الدفاع والأمن القومي، فهذه "مهزلة"، فمن قدم مشروع القانون حكوميًا ومن وافق عليه برلمانيًا لا يهمهم الأمن القومي أو "المواطنة" التي تعرضها الحكومة للبيع لمن يملك دولارات، لأن من يشتري الآن سيملك مصر ومن عليها مستقبلا ولا عزاء للشعب صاحب الأرض.

ما أن وافقت لجنة الدفاع والأمن القومي على مشروع القانون "المشبوه" حتى اجتاح "تويتر" هاشتاج "الجنسية المصرية ليست للبيع"، واستهزأ بعض المغردين بالجنسية "غير المرغوبة وأنهم على استعداد لبيعها لمن يشاء، لكن لا أحد يبحث عنها أو يريدها"، وهؤلاء قطعًا من ذوي النظرة الدونية الضيقة.. أما من لديه حس وطني وانتماء لهذه الأرض، فأدرك مغزى القرار وربطه بالأحداث الجارية من حولنا منذ سنوات، وهؤلاء أمطروا الحكومة والبرلمان بدروس في الانتماء والوطنية..

ولم يفت المغردون تأكيد مصرية "حلايب وشلاتين، تيران وصنافير، وسيناء" وأن "مصر مش للبيع".. ورغم الجدل والرفض الشعبي دافع شريف إسماعيل عن مشروع القانون قائلا "إن منح الجنسية مقابل وديعة بنكية أمر معمول به في كثير من دول العالم، وأن منح الجنسية للأجانب سيكون وفقًا لضوابط أمنية محكمة لا غنى عنها".. يتحدث رئيس الحكومة عن ضوابط محكمة وإجراءات لمنح الجنسية المصرية للأجانب، وهو من عجز وحكومته عن ضبط أسعار السلع وفشل في مواجهة جشع التجار والسوق السوداء للدولار!!

حشدت الحكومة بعض الإعلاميين التابعين لها للدفاع عن "بيع الجنسية وأنه نظام عالمي".. لكن لم يقل هؤلاء إن دول العالم المتقدمة تسعى الآن للتخلص من اللاجئين، بعد أن عانت من الجرائم والعمليات الإرهابية ووجدت أن مرتكبي الجرائم والإرهاب والمخططين له من أبنائها، ولكن "المجنسين"، بمعنى أن الانتماء للأرض والبلد لا يباع ولا يشترى، ومن لديه دولارات يمكنه شراء جنسية أجنبية أفضل له، أما من يشتري الجنسية المصرية، فمؤكد لديه أهداف تخريبية تدميرية أو على الأقل مدفوعًا لتغيير التركيبة السكانية بإدخال طوائف ومذاهب أخرى إلى مصر نحن في غنى عنها.. أما الحكومة العاجزة فيمكنها منح أصحاب الودائع إقامة دائمة في مصر، وأن تدرك أنه لا سبيل لزيادة الدخل إلا بالعمل والإنتاج وإيقاف الهدر ونفع المقربين من السلطة.
الجريدة الرسمية