يظهر ماكرون المصري.. ولكن بشرط !
بمناسبة الانتخابات الفرنسية ووصول ماكرون وماري لوبين إلى الجولة الثانية لانتخاب رئيس فرنسا 2017 كتب مصطفى النجار -عضو برلمان الإخوان كما يحب أن يطلق على نفسه بعد أن تنازل عن لقب الناشط السياسي والثوري وحقق منه ما يريد وزيادة– مقالا بعنوان (هل سيظهر ماكرون مصري ؟) تناول فيه سيرة ماكرون الذي تخرج في المدرسة العليا للإدارة في 2004، ثم عمل كمفتش عام للمالية لمدة ثلاث سنوات، ثم انتقل بعد ذلك ليعمل في لجنة مهمتها إيجاد سياسة مالية تدعم الاقتصاد الفرنسي، في 2008 التحق بمصرف «روتشيلد»..
وفى 2012 عمل مستشارًا اقتصاديًا للرئيس هولاند حتى 2014 ثم عينه هولاند بعد ذلك وزيرًا للاقتصاد، واستمر وزيرا للاقتصاد لمدة عامين ثم استقال وابتعد عن الإعلام وانهمك في تأسيس حركته التي بدأت بـ 4000 شاب انضموا لتأييده عبر مواقع التواصل الاجتماعي واقتنعوا بأفكاره، وسماهم «السائرين»، إذ سار هؤلاء في شوارع القرى والمدن وأجروا 100 ألف مقابلة مع الجمهور وكان سؤالهم الأساسي للناس ما الذي تريدونه لفرنسا ولأنفسكم وأبنائكم، وتم إخضاع نتائج هذه المقابلات للفحص والتحليل وعلى أساسها بنى ماكرون برنامجه الانتخابي الذي أوصله للتصفية الأخيرة ليكون قاب قوسين أو أدنى من قصر الإليزيه!
النجار في المقال يطرح السؤال البديهي ويجيب عن نفسه وهو يعقد مقارنة بين المشهد الفرنسي والمشهد السياسي المصري فيقول: هل من الممكن أن يظهر ماكرون المصري خلال الفترة المقبلة؟ الحقيقة المحزنة أن الإجابة: لا !
"النجار" استند في إجابته إلى الفرق الشاسع بين البيئة السياسية المفتوحة في فرنسا التي تسمح بحرية الحركة والتنظيم والاجتماع والتعبير عن الرأي التي مكنت ماكرون من بناء حركته السياسية عبر التواصل مع الناس عبر مواقع التواصل الاجتماعي وفي الشوارع وفي المقابلات المباشرة من خلال الحشد وبين البيئة المغلقة في مصر !
وحتى لا ينخدع الناس في مثل هذا الطرح الذي يسوقه النجار في هذه المرحلة وجب علينا أن ننعش ذاكرته التي تآكلت ونسأله السؤال العكسي: لماذا لم تخط خطوات ماكرون وقت أن كانت البيئة السياسية في الربيع العبري تسمح بكل ما أتيح لماكرون في فرنسا؟ لماذا لم تنصرف أنت وأي ائتلاف من ائتلافات يناير التي كانت لا تعد ولا تحصي إلى التواصل مع الناس وإقناعهم بمشروعك الحزبي؟ لماذا فشل حزبك الذي كونته ودخلت به مجلس شعب الإخوان؟ أين ذهب الحزب وشبابه المؤمن بالتغيير؟ هل تنكر أنه بعد انطلاق الربيع العبري لم يكن هناك سقف لأي حرية رأي أو حرية تعبير أو حرية اجتماعات أو حرية حشد؟
هل تنكر أنك كنت مع البوب الصالح تهندس وتتكتك من يكون الرئيس ومن يكون النائب ومن يكون رئيس الحكومة ومن يكون وزراء الحكومة؟ هل توفر لماكرون في فرنسا أن يكون ضيفًا على كل شاشات الفضائيات كما توفر لك في زخم الربيع العبري الذي بشرت به مع رفاقك قبل أن يدخل سباق الرئاسة؟ هل لم تستخدم كل وسائل الاتصال وكل وسائل الدعاية كما استخدمها ماكرون؟ هل منعك جهاز أو مؤسسة أو هيئة من أي نشاط سياسي؟
المناخ الذي ظهرت فيه أنت ورفاقك كان أكثر حرية وانفتاحا من فرنسا لكنكم فشلتم فشلا كبيرا لأنكم كنتم أدوات في لعبة كبري، وكانت مصلحة مصر غائبة عنكم.. كنتم جسرا فقط تعبر عليه خيول العدو ثم تتركه بالروث والقاذورات لا يصلح لشيء بعد ذلك.. ماكرون اختار أن يكون شعاره إلى الأمام، بينما اخترتم أن يكون شعاركم إلى الخلف !
سيظهر في مصر ماكرون -لكنه لن يكون أنت كما تشير في مقالك– عندما يدرك قيمة مصر ويعمل من أجلها لا أن يحرض على التخريب والحرق ويدعو لإسقاط جيش بلاده! سيظهر مئات من ماكرون سيحتفي بهم الإعلام ويلتف حولهم الملايين يعملون الآن على أنفسهم.. يتعلمون ويفهمون ويفكرون.. لا يشغلهم غير مصر ومستقبل مصر..
النجار كتب مقاله بمنطق اللي على رأسه بطحة، ويبدو أن البطحة تركت أثرا كبيرا جعلته لا يرى أن الأرض ينبت فيها مئات من نوعية ماكرون وأفضل يستحقون مصر الجديدة التي تبنيها سواعدهم.. أمثال ماكرون لا تجذبهم الفوضى باسم الحرية، ولا يرضيهم إسقاط الدولة باسم حرية التعبير، والمؤكد أن الأوضاع تتحسن ولا تسوء كما تقول وتتمنى !