مرصد الإفتاء: انفصال حماس يمثل دفعة قوية للقيام بمراجعات حقيقية
قال مرصد دار الإفتاء المصرية: إن قرار حركة حماس التخلي عن جماعة الإخوان الإرهابية والانفصال عنها، يمثِّل خسارة جديدة تضاف إلى خسائر الإخوان في السنوات القليلة الماضية، وذلك بعد خطوات مماثلة سبقت حماس من جانب حلفاء الجماعة وأجنحتها بتونس والسودان والأردن وسوريا، إضافةً إلى العديد من المؤسسات الإسلامية بدول أوروبية والولايات المتحدة الأمريكية.
وأضاف المرصد أن ممارسات الجماعة في السنوات القليلة الماضية، وتورطها في أعمال العنف وترويع الآمنين، مثَّل العامل الأهم في تفسخ الجماعة وانفصال العديد من أذرعها بالخارج عن الجماعة الأم بمصر، وبالرغم من كونها التنظيمَ الأمَّ لباقي الأفرع والمكاتب المنتشرة بعدد من الدول العربية والغربية، فإن هذه الممارسات وتلك الأفعال قد وضعت العديد من التنظيمات الموالية للإخوان والتابعة لها أمام خيارين، الأول: البقاء تحت مظلة الجماعة والدفاع عن ممارساتها، بل الانصياع لتعليماتها. والثاني: الانفصال عن الجماعة، والتبرؤ من العنف، ورفض كافة الأفعال والممارسات العنيفة التي مارستها الجماعة في الفترة الماضية.
أكد المرصد في تقريره أن تلك الحركات العربية التي تبرأت من عنف ودموية الفكر الإخواني أقدمت على موقفها بعدما أيقنت بصحة الموقف المصري الرسمي في تصنيف الإخوان ضمن التيارات الإرهابية، وفق دلائل ومؤشرات مؤكدة، اعتمدت عليها العديد من الدول الأوروبية والأمريكية في دراسة ومنهجية الإخوان، وانتهت تلك الدول إلى قناعة كاملة بصدق الموقف الرسمي المصري من الجماعة الإرهابية، مما كان دافعا لها لاتخاذ قرار مماثل بوضع رموز وأعضاء الإخوان الإرهابيين على درجات الحذر الشديد الذي يتم التعامل به مع المجرمين ومن يهددون الأمن الوطني لتلك الدول.
تابع المرصد تحليله للخطوة التي أقدمت عليها حماس في وثيقتها التي اشتملت على 42 بندًا لم يرد فيها جملة واحدة تربط بينها وبين الإخوان الإرهابية، مؤكدا أن جماعة الإخوان عقب أحداث الثالث من يوليو عام 2013 وعزل الشعب المصري لمحمد مرسي عقب ثورة شعبية عارمة في الثلاثين من يونيو من العام نفسه، كشفت عن نيتها ورغبتها السيطرة على مقاليد البلاد ولو على جثث الأبرياء ودماء الآمنين، وتخريب المؤسسات واغتيال الرموز القضائية والدينية، والتعاون مع الحركات الضالعة في الإرهاب مثل داعش وتنظيم بيت المقدس.
وأنتجت تلك الممارسات فزعا للأفرع التي كانت ترتبط بتلك الجماعة مخافة أن تلقى مصيرها بالحظر والوضع على قوائم التصنيف الإرهابي، مما دعاها إلى المسارعة بفك القيد وانتهاج طريق لا يؤمه مرشد الجماعة الإرهابية، الذي أغرقت دماء الأبرياء يديه وجسده، دون التفات لحرمة تالك الدماء في التشريع الإسلامي.
ولفت المرصد إلى أن توالي حالات الانفصال عن جماعة الإخوان وتعددها، دليل على فشل إستراتيجية الجماعة الإعلامية، التي ترتكز على تبني خطابين، الأول: داخلي، يدفع إلى ممارسة العنف ويحفز على مواجهة مؤسسات الدولة والنيل من رموز الوطن، والآخر: خارجي، يتعاطى مع المؤسسات والهيئات الدولية ويدعي المظلومية السياسية، ويعلن نبذ العنف والتبرؤ من مرتكبيه، على أن استمرار انفصال أطراف الجماعة عن مركزها يؤكد أن هذا الخطاب قد فشل في إقناع الخارج بسلمية الجماعة ومشروعية ممارساتها.
كما يمثل هذا التبرؤ من جانب حماس وغيرها من جماعة الإخوان دافعًا قويًّا نحو مراجعات الجماعة بالداخل وإعلان أفرادها التوبة ونبذ العنف، والعودة إلى الحاضنة المجتمعية وصفوف الوطن، وعدم رفع أي ولاءات تتناقض مع الولاء للوطن والانتماء إليه، والتسليم بأحقية الشعب المصري في اختيار ولاة أمره دون وصاية من أحد أو إكراه من جماعة أو فصيل. إضافةً إلى قطع كافة العلاقات الخارجية مع الأطراف المشبوهة التي استغلت رغبة الجماعة في الوصول إلى السلطة؛ لاستخدامها كورقة تهدد مستقبل هذا الوطن وتزعزع أمنه وتثير الفتنة والوقيعة بين أهله.