رئيس التحرير
عصام كامل

عبد الحليم حافظ المفلس يدفع أجرة التاكسي لفة قمر الدين

فيتو

في مايو 1954 الموافق 1373 هـ، كتب المطرب عبد الحليم حافظ مقالا في مجلة الكواكب قال فيه:

«في المعهد العالي للموسيقى تعرفت على زميلي كمال الطويل، والحقيقة أن كمال مهد لي سبلا كثيرة حين سمع صوتي، وأكد أنني سأصير مطربا.


تخرجنا مع بعض في المعهد وعينت مدرسا للموسيقى في مدرسة بالزقازيق، وفي أثناء عودتي إلى القاهرة في إجازة ذهبت لأزور صديقي كمال الطويل الذي كان قد عين في محطة الإذاعة بلجنة الاستماع إلى الأصوات الجديدة.

واستقبلنى في الإذاعة وقدمني إلى اللجنة قائلا: عبد الحليم شبانة سيغني لكم، وغنيت، فاستبعدوني، وفى المرة الثانية أجمعوا على الإعجاب بي.

وجاء أول رمضان بعد أن غنيت بالإذاعة، وكانت هناك أزمة في مشروب رمضان (قمر الدين)، وكانت على أشدها، وكان المحظوظ هو الذي يستطيع الحصول على لفة قمر الدين.

وكنت قد ذهبت إلى الموسكي والغورية لشراء حاجات رمضان برفقة شقيقي إسماعيل شبانة، ركبنا سيارة أجرة من البيت وطلبنا من سائقها أن ينتظرنا حتى نشتري حاجاتنا، ومررنا ببائع التين والقراصيا واللوز والجوز والبندق، وسألت كل محل دخلته عن لفة قمر الدين، فكانوا يجيبونني بعبارة واحدة (يا ريت).

وقابلت بطريق الصدفة أحد الأصدقاء، فقال لي إنه يعرف تاجرا يبيع قمر الدين للمقربين فقط، وأنه يستطيع وضع اسمى في قائمة المحظوظين عند هذا البقال.

سمع سائق التاكسي العرض، فقال: مش ممكن آخذ معكم لفة من قمر الدين؟.. قلت له: مش ممكن.
وذهبنا إلى البقال وحصلت على قمر الدين وأخفيتها كما يخفي المهربون الحشيش، وفى طريق العودة إلى البيت وضعت يدي في جيبى لأعطى السائق أجرته فلم أجد المحفظة، ولم يكن مع شقيقي مالا، وخشيت أن أستقل التاكسي إلى أحد أصدقائي فلا أجده فيتضاعف الموقف حرجا.

فقلت للسائق: خذ الكارت بتاعي وتعالى إلى في العنوان ليلا لتأخذ الأجرة.
قال السائق: إلعب غيرها، قلت له: تقدر تأخذ أقتين جوز ولوز أو اللى يعجبك.
قال: مايلزمني.
كان يرغب في لفة قمر الدين لكنها كانت عزيزة على، لكن في يأس مني قلت له: تأخذ لفة قمر الدين؟
فقال: بكل ممنونية.
وأخذها وانصرف، ومعه أحشائي المتلهفة على مشروب قمر الدين».
الجريدة الرسمية