عبد السلام داوود يكتب: طعم النصر
في جريدة الأخبار في رمضان عام 1973، وفي اليوم التالي لحرب أكتوبر، كتب عبد السلام داوود مقالا تحت عنوان (علامة استفهام)، قال فيه:
«قبل مدفع الإفطار في رمضان بدقائق ظهرت مذيعة التليفزيون تقول إن أخبار الجبهة كما أتمنى أن تكون، وأن قواتنا متقدمة إلى الخطوط الأمامية، وأن أسرى العدو يتضاعفون.
زال عني العطش، وشعرت بالارتواء والامتلاء، ولم أعد أريد شيئا من الدنيا.
نظرت إلى كوب الماء المثلج الذي أعددته لأروي به عطشي فنحيته جانبا، وشربت من الحنفية، واكتفيت بتمرتين فقط.
طعم النصر حلو.. أحلى من العسل.. وأغلى من الحياة، وقلت لنفسي: لن أستسيغ طعاما بعد لا يأكله أخي وحبيبي ومطهر أرضي وعرضي وشرفي.. قاهر العدوان في سيناء.
سوف أكون تلميذا مخلصا لميرفت محمد عكاشة، وميرفت فتاة مصرية عمرها 17 عاما، خلعت حليها وأضافت إليها تحويشة العمر 100 جنيه، ونزلت إلى السوق فاشترت بها سجائر ومعلبات وأقلاما ومصاحف وفواكه وحلويات.. توجهت ساعة المغرب بالضبط وسلمتها إلى اللواء صلاح متولي نائب مدير أمن الجيزة، طالبة توصيلها إلى الرجال في الجبهة.. حياك الله يا ابنة مصر الأبية.
ليس بنا حاجة إلى طعام أو شراب.. نحن نتنفس هواء النصر.. الحمد لله.. الحمد لله».
