معركة القضاة شعبية
ما فعله محمد مرسي مع القضاة.. فعله مجلس النواب وبلا مبرر.. صدام غير منطقى يؤكد من جديد أن كهنة المعبد لم يغادروا البلاد بإزاحة الإخوان عن الحكم.. صدام لا أتصور أن الرئيس يريده أو يطلبه أو أن يكون أحد مستشاريه قد أوحى للبرلمان به.. صدام سينتهى بلا شك لصالح القضاة، ليس لأن على رأس القضاء ريشة، وإنما لأنه ملاذنا ومنقذنا من كل ضغينة تحاك ضد واحد من أطياف المجتمع.
حتى تاريخه؛ لا نعرف من يقف وراء الصدامات المتتالية.. صدامات مع الأطباء، ومعارك مع المحامين، اختراق لنقابة الصحفيين بهمجية لن ينساها التاريخ، معركة مع الأزهر الشريف، معركة مع فكرة استقلال القضاء دون مبرر حقيقي.. كل ذلك تجرى وقائعه ونحن في أشد الحاجة لتضافر الجهود؛ من أجل معركة البناء والتنمية.. من أجل معركة البقاء ونحن على أبواب الزوال والاندثار والانتهاء والضياع والإقصاء والخروج من التاريخ.
لا أعرف من ذلك الذي يخطط بليل للإيقاع بالسلطة القضائية في براثن الخضوع، ولا أعرف لمصلحة من نختلق حربا ضد حماة العدالة، وهم الذين استخدموا كافة الطرق الراقية للتعبير عن رفضهم لتعديلات قانون السلطة القضائية، ولا أعرف إلا مستفيدا واحدا من هذه المعركة، وهم جماعات الشر الكامنة والظاهرة التي تنتظر لحظة فرقة تثب من خلالها إلى قلب الأحداث.. لا أعرف إلا أننا نقوي شوكة المحرضين على استقرار الوطن وسلامته وهدوئه.
القضاة الذين أعلنوا عن اتجاههم لمقاطعة الإشراف على الانتخابات والحشد يوم الجمعة القادم، لمواجهة طغيان السلطة التشريعية على السلطة القضائية لن يستسلموا بسهولة، لأن استسلامهم هو "تخلي" عن حق الناس في قضاء لا يركع لأحد، ولا يخضع إلا لله، ولا يفرط في استقلاله لأن استقلال القضاء معركة الشعب وليس معركة القضاة.
ما الذي ستجنيه مصر من اختلاق هذه الأجواء المشحونة؟ هل تتابعون قنوات الإخوان وإعلانها الأفراح والليالي الملاح؛ بسبب هذا الجور على استقلال القضاء وإنهاكه في معركة سينتصر فيها وفق دستور نصّ صراحة على استقلاله، ونحن نخطط بليل لنمارس ما لم يستطع الإخوان ممارسته.. لقد وقف الشعب المصرى كله دفاعًا عن قلعته القضائية عندما امتدت إليها يد الغدر الإخوانية تريد النيل من تاريخه وحريته واستقلاله، فهل تتصورون أو تعتقدون أن ما رفضه الشعب بالأمس سيوافق عليه اليوم؟!!