سيناء الحل وليست المشكلة!؟
35 عاما مضت على تحرير سيناء من العدو الصهيوني، واحتفالات مصر دائما بهذه المناسبة العظيمة كانت بالأغاني فقط ولمدة يوم واحد (25 أبريل)، وبالتحديد من خلال أغنية الرائعة شادية "سينا رجعت كاملة لينا ومصر اليوم في عيد"، ثم ننسى سيناء إلى أن نستيقظ العام التالي مرة أخرى على صوت دلوعة السينما المصرية وهي تشدو "مصر اليوم في عيد"، وهكذا مرت السنوات ولم نحتفل مرة واحدة بسيناء بالعمل والتعمير بدلا من الأغاني والشعارات، حتى وصل بنا الحال إلى أن أصبحت سيناء مصدرا للإرهاب والتطرف والرعب وحظر تجوال، بدلا من أن تكون مصدرا للخير والتنمية وسعادة المصريين..
لو كانت الدولة أعطت سيناء أولوية في التنمية بنسبة 2% فقط سنويا كنا احتفالنا هذا العام بتنمية أكثر من نصفها، ومع ذلك مازالت الآمال كبيرة في أن تصبح سيناء الحل وليست المشكلة، لا شك أن هناك محاولات للتنمية قامت بها الدولة وبعض المستثمرين ولكنها محاولات لا ترقى لمستوى طموحاتنا، فسيناء أرض بلا شعب، ونحن شعب يعيش على 5% من أرضه، فكيف تصبح سيناء أرض وشعب ويتم إعادة توزيع السكان وتوطين 4 ملايين على الأقل فيها، وهذا أمن قومي وضرورة اقتصادية..
سيناء مليئة بالثروات الكثيرة والمتنوعة غير المستغلة، حتى رمالها لها قيمة كبيرة، وموقعها الجغرافي فريد في العالم، حيث يربط بين قارتين، ويطل على بحرين وأهم ممر ملاحي دولي (قناة السويس) وبحيرة في العالم (البردويل)، وأجمل شواطئ في الدنيا وأفضل طقس ومجموعة موانئ بحرية وبرية وتربة صالحة للزراعة، بالإضافة إلى الثروة المعدنية والسياحة الدينية والعلاجية كل هذه ثروات تكفي قارة إذا أحسن استغلالها وتمثل سدس مساحة مصر، ومع ذلك فيها شباب ينتحر بسبب البطالة..
احتفالنا بأعياد سيناء أمس واستمعنا إلى نفس كلام الخبراء الذي نسمعه من 35 سنة، ولا جديد واستمتعنا بأغاني سيناء للعندليب وشادية وعفاف راضي وعلي الحجار وهاني شاكر، وانتهى عرس الاحتفال فهي نغلق الصفحة حتى نفس الموعد من العام القادم.. أم يتم تغيير استراتيجية التعامل مع سيناء وتقوم كل أجهزة الدولة بدورها في التنمية ومكافحة الإرهاب، ولا يتم تصدير الجيش والشرطة وحدهما في المواجهة؟
سمعت أحد المسئولين في سيناء يقول إننا نسعى لإنشاء قرى بدوية وهذا الكلام عجيب، فبدلا من السعي حتى تكون أفضل من دبي وسنغافورة وهونج كونج وهي مؤهلة لذلك، فإننا نحلم لها بالتخلف، الدولة على مدى عشرات السنوات انفقت مئات المليارات في إنشاء كباري وأنفاق ومترو وكتل خرسانية في القاهرة لو كانت أنفقتها في المحافظات الحدودية (سيناء شمال وجنوب والبحر الأحمر ومطروح والوادي الجديد) لكانت مصر حاليًا سيدة العالم، ومقصدا لشبابه في هجرة شرعية وغير شرعية وجنة الله في أرضه..
إنفاق الأموال في القاهرة يزيد مشكلاتها لأنه يزيد من الهجرة إليها، كانت هناك مطالبات كثيرة بإنشاء وزارة لتنمية سيناء من يتولاها يكون بدرجة نائب رئيس وزراء، حتى يتمتع بسلطات وإمكانيات مادية تسهل له القيام بمهمته بالإضافة إلى إشراك أهالي سيناء في التنمية ومكافحة الإرهاب، فبعضهم ما زال يشعر بأنه مواطن درجة تانية، كما يجب تسهيل إجراءات تمليك الأراضي مع عدم البيع لغير المصريين؛ لأن من لا يملك الأرض لن يدافع عنها أو ينتمي إليها، الفرصة مازلت سانحة وبالفكر والتخطيط والإرادة الحقيقية سوف يكون احتفالنا القادم بأعياد سيناء، ليس فقط بالأغاني والشعارات بل بالخير والعمل والإنتاج الذي يثمر بدلا من القنابل والألغام والإرهاب.. واللهم احفظ مصر.
egypt1967@yahoo.com