رئيس التحرير
عصام كامل

شيخ الأزهر يحذر من تطور ظاهرة «الإسلاموفوبيا» إلى «الدينوفوبيا»

 الدكتور أحمد الطيب،
الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف

ألقى الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، اليوم، كلمة خلال انعقاد الجولة الخامسة من جولات الحوار بين حكماء الشرق والغرب، بمشيخة الأزهر، رحب فيها بمجلس الكنائس العالمي، وبوفده الكريم الذي يمثِّل جميع الطوائف المسيحية في العالَم.


وأكَّد الطيب أنَّ هذا اللقاء الذي يعقد اليوم يأتي للنقاش حول «دور القادة الدينيين في تفعيل مبادرات المواطنة والعيش المشترك»، وهو الموضوع المُرشَّح لأن يكون موضع اهتمام القادة الدينين في شرقنا العربي والإسلامي، إذ هو التحدي الأكبر الآن في ظل دعوات الإرهاب وتنظيراته التي تحاول أن تُضلِّل عقول الشباب شرقًا وغربًا وتُرسِّخ في أذهانهم وتصوراتهم أفكارًا خاطئة حول دولة الإسلام، ومحاولة استعادة مفاهيم ومصطلحات تجاوزها الفقه الإسلامي والشريعة الإسلامية منذ سقوط «الخلافة العثمانية».


وأوضح أنَّ نظام الخلافة الإسلامية في الأزمنة الماضية كان يقضي بأحكام تشريعية معينة -اقتضاها منطق العصر آنذاك، فيما يتعلق بحقوق غير المسلمين في دولة الخلافة، فمن المنطق، بل من فقه الإسلام نَفْسِه، أن هذا النظام السياسي حين يتغير فبالضرورة تتغير معه أحكام كثيرة، - أو قليلة-ارتبطت بهذا النظام وقامت على أساسها علاقة غير المسلمين بالدولة الإسلامية.


وأشار إلى أنَّه في ظل هذه التحديات تصبح قضية «المواطنة» هي القضية الأولى التي يجب أن يَتحدَّث فيها قادة الأديان، لأنها الرد العملي على هذه «الأوهام» التي تجد من الدعم المادي والأدبي ما خيّل لهؤلاء المتوهمين، أن العمل على تحقيق هذه الأوهام جهادٌ في سبيل الله وعَوْد بالإسلام إلى عصور المجد والعزة.


وأكد الإمام الأكبر أنَّه ليس هناك من شك في أن المواطنة هي الضامن الأكبر لتحقيق المساواة المطلقة في الحقوق والواجبات بين المسلمين وغير المسلمين، لافتًا إلى أنَّ الأزهر الشريف ومجلس حكماء المسلمين عَقَدا معًا مؤتمرًا في فبراير الماضي عن «الحُرية والمواطنة.. التنوع والتكامل» وأُعلِن فيه لأول مرة في تاريخنا الحديث أن نظام المواطنة هو نظام إسلامي خالص، طبَّقه النبي ﷺ في أول دولة إسلامية وهي دولة المدينة المنورة.


وتابع «نظرًا لأن المواطنة وتساوي الحقوق والواجبات قائمة بالفعل في المجتمعات الغربية كان التحدي الأكثر حضورًا هناك هو «التصدي» لظاهرة الإسلاموفوبيا، وهي ظاهرة شديدة الخطر إذا ما تُركت تتدحرج مثل كُرة الثلج ولم تواجَهْ ببيانِ حقيقةِ الأديانِ وفلسفاتِها ومقاصدها في إسعاد الإنسان والارتقاء به في مدارج الكمال الروحي والعقلي والخُلُقي، محذرًا من أن تتطور ظاهرة «الإسلاموفوبيا» اليوم إلى ظاهرة «الدينوفوبيا» في الغد القريب».


وشدد على أنَّ مشكلة الأديان السماوية اليوم لا يُمكِن أن تُحلَّ بالانشغال بالصراع فيما بينها، وإنما الخطوة الأولى للحل هي إزالة ما بينها من توترات، ومن مواريث تاريخية لا يصح أن نصطحب آثارها السلبية، أو نستدعيها في الوقت الذي نواجه فيه نُذر معركة طويلة مع أعداء الأديان.. وأمام وحش يُعِدَّ نفسه جيدًا لالتهام الجميع، ومن أجل هذه الغاية التي نضعها نصب أعيننا، وأعني بها: التعارف والتفاهم بين المؤسسات الدينية، سعى الأزهر بنفسه للقاء قادة المؤسسات الدينية الكبرى في أوروبا في الفاتيكان ولندن وجنيف وفلورنسا وباريس وبرلين. وأوفد قوافل السلام طافت كثيرًا من عواصم العالم في آسيا وأوروبا وأفريقيا وأمريكا.


وطالب فضيلته بالحذر من أكاذيب الإعلام التي تربط الإرهاب بالإسلام، وتتهم المسلمين باضطهاد مواطنيهم من إخوتهم المسيحيين، وأن الإسلام -أو الأزهر في أحدث مسرحياتهم المفضوحة- وراء التفجيرين الإرهابيين الأخيرين، فمثل هذه الأكاذيب لم تعد تنطلي على عاقل يقرأ الأحداث وما وراءها قراءة صحيحة، إذ إنَّ الحقيقة التي يثبتها الواقع ثبوت أرقام الحساب هي أنَّ الإرهاب يقتل المسلمين قبل المسيحيين، وستعلمون بعد ذلك أن الإرهاب لا دين له ولا وطن، وأنه لن يبالي في تعطشه للدماء أدم مسلم هذا الذي يسفكه أم دم مسيحي؟ فالغاية عنده ضرب استقرار الأوطان، ولتأت الوسيلة من مسجد أو كنيسة أو سُوق أو أي تجمع للبسطاء الآمنين.
الجريدة الرسمية