رئيس التحرير
عصام كامل

«سلام».. قرية من العصور الوسطى في قلب الصعيد «تقرير»

فيتو

يعيش ما يقرب من 1000 مواطن من أهالي قرية سلام التابعة لمركز أسيوط، في أكواخ من الطوب اللبن بلا كهرباء أو مياه والتي يبلغ عدد سكانها أكثر من 15 ألف نسمة، حسب مؤشرات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.


أفقر المحافظات
وأشار المركز إلى أن قرية سلام رغم مكانتها التاريخية تعد من القرى الفقيرة بمحافظة أسيوط، أفقر محافظات مصر بعد تجاوز نسبة الفقر بها حاجز الـ 69 % لتحتل المرتبة الأولى فقرا على مستوى الجمهورية.


قرية واحدة يجتمع بها العديد من المفارقات بل والمآسى يعيش فيها شيوخ وأئمة وولد بجنباتها البابا شنودة، بابا الإسكندرية الراحل، وتبعد خطوات عن "منقباد" التي تلقى اهتماما واسعا من أعضاء مجلس النواب.


بينما تنافس "سلام" بقية القرى في الإهمال والتهميش بجميع نواحى الحياة، يكثر بها تجارة المواد المخدرة ويعيش شبابها بطالة لا تقارن، يجاور فيها دوار العمدة أكواخ الطوب وبيوت المعدمين المهدمة، تضاء أعمدتها البائسة صباحا وتنطفئ ليلا دون معرفة أسباب ذلك.


منازل مهدمة
ويقطن معظم أهالي قرية سلام المنازل المهدمة التي قضت على بعضها السيول، والطرقات والشوارع الضيقة غير الممهدة، إلى جانب أعداد المرضى الكبيرة بالقرية والمصابين بأمراض الفشل الكلوى لسوء المياه والصرف الصحى بالإضافة لنسبة الأمية القاتلة بالقرية.


منزل متهالك يجاور آخر، يحوى كل منها "زيرا" لشرب المياه و"كانونا" لتجهيز الأطعمة، وحبل غسيل، وفراشا من الكرتون والحصر والألحفة القديمة ولمبة تضاء بالجاز، فلا كهرباء ولا ثلاجات ولا بوتاجازات أو أي وسائل أو سبل معيشة أو ترفيه، حال العديد من أهالي القرية الذين لا يعلمون شيئا عن سبل الرفاهية، سوى غرفة طينية يغطيها البوص والقش الذي لا يصمد أمام الحرائق وينهار بمياه الأمطار.


يقول خالد محمد حسن أحد سكان القرية، فلاح: "لا نعلم لماذا تنسانا الدولة فلا يوجد لدينا أي وسائل معيشة ورغم أن بلدتنا لها مكانة تاريخية حيث ولد بها البابا شنودة بابا الإسكندرية الراحل، وما زال منزله الذي شهد ولادته صامدا حتى اليوم إلا أن القرية لم تستفد أي شيء سوى ذكرها في الإعلام وتذكرها كل عام للكتابة عنها في ذكرى ميلاد البابا شنودة حتى أن البابا الراحل لم يزرها طيلة حياته بعدما تركها".


البابا شنودة
ويضيف حسن: "طالبنا كثيرا بتحويل منزل البابا الراحل شنودة لمزار والاعتناء به ربما يرفع من شأن القرية ويتحول لموقع سياحى يجذب اهتمام المسئولين إلا أن كل مطالباتنا باءت بالفشل، بالإضافة أننا كنا نأمل أن يساهم أعضاء مجلس النواب في تنمية القرية وأبسطها الطرق غير الممهدة وخاصة أن عضو مجلس النواب من قرية تقع على بعد خطوات منا إلا أنه لم يذكرنا على الإطلاق منذ تولى المنصب، ورغم أن مكتبه مضاء ومفتوح ليل نهار إلا أنه لا يستقبل أحدا ولا يساهم في حل أي مشكلات لدينا".


ويؤكد فوزى روفائيل، أن القرية تعانى من جميع مظاهر الإهمال والتخلف حتى أن الكثير من منازل القرية ما زالت تضاء بلمبات الجاز، ولم تدخلها الكهرباء، ولا المياه حتى الآن، كما أن نسبة الفقر كبيرة للغاية بين أغلب سكان القرية وخاصة لارتفاع نسبة البطالة وعمل أغلب مواطنيها بالفلاحة التي لا توفر قوت يوم الأهالي بينما توجد منازل لكبار القرية بها أعلى وسائل الرفاهية.


ويشير روفائيل أن منازل القرية التي هدمت من السيول منذ عدة أعوام ما زالت كما هي يعيش فيها الأهالي لا يستطيعون طلب أي شيء من الحكومة لسقوطهم قيد وعدم تقييدهم في دفاتر الحكومة، لذلك نعيش بين الحياة والموت ومعظم الأهالي الفقيرة تعتمد على ما يجود به الجيران في المأكل والملبس، ورغم وجود بعض العائلات الكبيرة بالقرية إلا أن الفقراء مازالوا يعانون من نقص موارد المعيشة.


ويضيف روفائيل أن ما يشعل الغضب أكثر أن مياه الشرب بالقرية أصابت العديد من الأهالي بالفشل الكلوى الذي يحتاج إلى أموال في العلاج والغسيل المتكرر أسبوعيا، وتنتشر أمراض القلب والعظام لطبيعة المعيشة القاسية فضلا عن المنازل القديمة التي يرافق أهلها الثعابين والزواحف بالإضافة إلى الأوبئة التي تنتشر نتيجة أكوام القمامة بالقرية.

ويقول عبد الله محمود، مدرس، إن نسبة الأمية في هذه القرية تزداد عاما عن الآخر ليس فقط لعدم كتابة المواليد كطريقة للتهرب من الالتحاق بالجيش وإنما لعدم وجود مدارس سوى الابتدائية في القرية مما يجعل الطلاب ينهون المرحلة الابتدائية دون الانتقال للمراحل التالية بمدارس القرى المجاورة لتوفير الأموال ولضيق حال الأهالي.


ويوضح أن هناك ظاهرة غريبة بالقرية وهي إطفاء أعمدة الإنارة التي يوجد بها كشافات حيث إن القرية تعانى الإهمال حتى في ذلك مما يساعد في انتشار حالات السرقة والقتل والخطف بطرقها وتجارة المواد المخدرة، مشيرا إلى أن أعمدة إنارة وكشافات قرية منقباد المجاورة أعلى جودة وتظهر جليا عند بداية الطريق كما أنها تعمل بانتظام.


وتؤكد الجدة حليمة التي تخطى عمها 65 عاما ومازالت بكرا عذراء أن حياتها بلا معنى فهى وحيدة بلا والدين أو أقارب أو زوج أو أبناء، وأنها تنام يوميا خلف الباب بعد أن توصى الجيران بالسؤال عليها خشية أن تموت بلدغة عقرب أو ثعبان أو جوعا دون أن يشعر بها أحدا، فهى تعيش في منزل طينى انهار سقفه وتشققت حوائطه، معتمدة على عطف وصدقة الأهالي لكونها خارج حسابات الدولة ولا يعلمون عنها شيء، فهي مريضة تنتظر الموت في أي لحظة كحال آخرين من جيرانها.


ويطالب أهالي القرية المسئولين وعلى رأسهم عضو مجلس النواب بالاهتمام بالقرية ورعاية شئون مواطنيها وتوفير سبل معيشة لهم وإعادة إنشاء البنية التحتية من خلال رصف الطرق وإنارة الشوارع وإنشاء مستودعات أنابيب ووحدة صحية، ومدارس بدلا من ذهاب الطلاب للقرى المجاورة مما يزيد التسرب التعليمى ونسبة الأمية والبطالة.
الجريدة الرسمية