«العودة بعد الموت في ميزان الأطباء»: خرافات سببها «ألزهايمر».. تخيلات بفعل غيبوبة طويلة وتغيرات كيمائية للمريض.. وأخصائي عناية مركزة: وقائع لا يمكن بناء حقائق علمية عليها

أصبح مصطلح «العودة بعد الموت» متعارفا عليه ومتداولا كثيرا، بقصص وحكايات يعيشها المرضى ممن خضعوا للعلاج في العناية المركزة بعد شفائهم وإنعاش قلوبهم مرة أخرى، تدور تلك القصص عن أشخاص عاشوا آلاما أشبه بتجربة الموت ومقابلة الأموات وأنهم تحدثوا معهم لمدة دقائق بل وتصل إلى ساعات، ومن كثرة تداول تلك الحكايات أصبحت وكأنها حقيقة علمية، ويقبلها العقل ويبحث عن مثيلها للتمتع أكثر.

عودة بعد الوفاة
كانت قصة المريض «بران ميلر»، الأبرز إعلاميا، حيث كان يعمل سائق شاحنة يبلغ من العمر 41 عامًا، توفي وأعلن الأطباء وفاته، بعد توقف القلب عن النبض 45 دقيقة، عاد للحياة مرة أخرى، وخلال فترة وفاته قابل المريض زوجة أبيه المتوفاة منذ سنوات، واصفا تلك الواقعة بـ"المعجزة".

شاهد..«90 دقيقة» يبرز انفراد فيتو بعودة مواطن للحياة بعد وفاته

وعلى الرغم من أن الواقعة بدت كما لو كانت مجموعة مشاهد لأحد أفلام الخيال أو الرعب إلا أنها وجدت سوقا رائجة لدى متابعيها، إلا أنها في ميزان الأطباء لا تعدو مجرد تخيلات إذ لا يعترف الطب بعودة ميت إلى الحياة.

موت المخ
يقول "رشوان شعبان" الأمين المساعد بنقابة الأطباء، إنه حسب المعتقد الإيماني فلا أحد يعود بعد الوفاة، وما يحدث مجرد تخيلات تتشكل خلال فترة توقف عمل المخ، مشيرا إلى أن الموت طبيا هو موت المخ، ويموت المخ بوقف وصول الأكسجين والدم إليه، وتستغرق تلك العملية ما يتراوح بين 6 إلى 10 دقائق، مشيرا إلى أن الإفاقة يقصد بها إطالة تلك الفترة بمد تلك الفترة لتصل لأطول وقت ممكن عن طريق جهاز التنفس الصناعي، بالحفاظ على خلايا المخ وتشغيل القلب بشكل ميكانيكي وتغذية أمعاء المريض.

تغيرات كيميائية
وتابع رشوان: قد تستمر فترة الـ 6 دقائق إلى شهور، وبعدها يفوق المريض من غيبوبة طويلة، وخلال مرحلة الإفاقة تحدث تغيرات كيميائية للمريض، ينتج عنها تغيرات نفسية، تجعله يتخيل تلك الأمور، فالإنسان الطبيعي خلال نومه يتخيل قصصا وحكايات ويركب أحداثا، فما بالنا بشخص استمر في غيبوبة أياما بل وشهورا.

شاهد..رجل يعود للحياة بعد موته وتجهيزه للدفن

حالات نادرة
ومن جانبها، تقول "ريهام أكرم" طبيبة، بالفعل تحدث حالات تصل لهذا البعد، ولكنها قدرة الإلهية خارقة للطبيعة، تتشكل خلال فترة إنعاش القلب مرة أخرى بعد وقفه، بجهاز تنفس القلب الرئوي الصناعي، وأطباء العناية المركزة شهداء على ذلك، وخاصة أن قلب المريض يتوقف بالفعل ويعود للعمل مرة أخرى.

خرافات
ويهاجم بعض الأطباء مزاعم عودة الحياة دون الاكتفاء بتفنيدها، فيقول الدكتور سمير على، تلك الأقاويل مجرد خرافات وخزعبلات لا أساس لها من الصحة، فالموت نوعان إما إكلينيكيا أو سريريا، والموت الإكلينيكي يعني توقف كافة أجهزة الجسم إلا بعض خلايا المخ، وبالتالي يفقد الجسم القدرة على التواصل، وضحايا الموت الإكلينيكي معظمهم كبار سن، ويكونوا في تلك الفترة معرضين للإصابة بمرض ألزهايمر، والذي يتسبب في نسيان أحداث قريبة وتذكر أحداث قديمة، وتقترب مواقف للمريض في الصغر من ذاكرة، فيتخيل أنه قابل والده الذي توفي منذ عدة سنوات.

شاهد..طفل يعود للحياة أثناء تغسيله في قنا

حقائق علمية
ويرى الدكتور "محسن عزام" أخصائي عناية مركزة، أن توقف القلب وإعادة إنعاشه، أمر موجود في كافة الكتب الطبية، تلك العملية التي تتوقف فيها عضلة القلب ويعاد إنعاشها بجهاز التنفس أو يدويا، وخلال تلك الفترة تقل نسبة الإكسجين في الدم، وكذا نسبة وصول الدم للمخ، وبالتالي لا يمكن بناء أي حقائق علمية خلال تلك الفترة.