رئيس التحرير
عصام كامل

بالفيديو.. «هبة وسمير» زوجان كفيفان يواجهان قسوة الحياة بصناعة «البامبو»

فيتو

"سمير وهبة" زوجان ابتلاهما الله بفقدان نعمة البصر، وعوضهما بالتوأم محمود وفاطمة، حتى يبصرا طيبات تلك الحياة، اتفقا على مواجهة ظروف الحياة القاسية التي عانى منها الاثنان سويًا على مدار 6 سنوات، من بعد قرار الزواج، وقررا العمل في صناعة بسيطة وهى "البامبو"، والتي علمتها الزوجة لزوجها لتحسين دخل الأسرة الشهري الذي لا يتعدى 850 جنيهًا بعد إنجاب التوأم.


ففي منطقة السبع بنات، بمصر القديمة، يقطن سمير الذي اشتهر في المحيط الذي يعيش فيه نظرًا لسمعته الجيدة بينه وبين جيرانه، وفي غرفة بسيطة يجلس سمير وبجواره زوجته ساعات النهار وأحيانًا يواصل الليل، أمامه منضدة صغيرة قام بتصنيعها بعد أن ورث الصنعة عن أبيه، يضع عليها أدواته البدائية، الشاكوش والمنشار والدباسة اليدويي، وبجواره خامات الرتال، معبأة في الشكائر.

يستطيع بحسه وحاسة الشم أن يميز بين الألوان التي يريدها من خلال خبراته المتراكمة؛ خياله هو السلاح الذي يرسم به تصميمات العمل كل يوم، حتى تخرج بصورتها النهائية ما بين "باسكات المكاتب والغسيل والبرنيكة والعياشة والأسبتة".

قصة الزواج
يقول سمير: تعرفت على زوجتي من خلال علاقات التعارف بين المكفوفين، واتصلت بها بالتليفون، والتقينا في محطة المترو، وشرحت لها كل ظروفي في أول لقاء، ومعاناتي من معاملة أهلي، وقلت لها: كان لي 4 أشقاء وشقيقات، قمت بتربيتهم وقدمت مصلحتهم على مصلحتي الشخصية، وتوفى والدي دون أن يترك لي أي شيء، وشاركت أمي في شراء منزل لنا، وبنيت لهم مخزنًا للخردة، وصنعت عربة كارو للشغل عليها وأنا كفيف؛ وتابع، كنت اشتغل مندوب توزيع بإحدى مكاتب عين شمس، واشتغلت في إحدى مصانع الأحزمة وسباكة المعادن، واتمرمطت من أجل تجهيز أخواتي البنات وربيت إخواني الشباب وقمت بدور الأب، وكان جزائي هو طردي في الشارع بعد ذلك؛ وعندما رويت ظروفي في أول لقاء جمعني بهبة، رحبت بظروفي وتقدمت لها وتزوجنا بعد قيام ثورة يناير، ولم يحضر أحد من عائلتي إلى الفرح.

أدوات البامبو
بأدوات بسيطة داخل إحدى الغرف في شقة سمير وهبة في مصر القديمة، يباشران العمل في صناعة "البامبو"، وهى مهنة يدوية تعتمد على تشكيل نبات الخيرزان وتحويله إلى قطع أثاث متنوعة مثل الكراسي والمكاتب والأشكال المختلفة، لتحسين ظروفهم المعيشية.

لم تجد الزوجة مفرًا من مواجهة زوجها بعد إنجاب التوأم "محمود وفاطمة" لتصارحه بضرورة إتقان حرفة بعد زيادة مصاريف المنزل، فزوجها يتقاضى 825 جنيهًا معاش شهري، وتدفع منهم إيجار 450 جنيهًا كل شهر، وما يتبقى لا يكفي احتياجاتها، وهو ما دفعها لتعليمه تلك الحرفة.

وقالت هبة: بعد إنجاب الطفلين قلت له سأعلمك مهنة، وبعد ذلك طورنا منها، وصنعنا "أسبتة" في المطرية، لكن الشغل لم ينتشر، وجئنا إلى هنا في مصر القديمة والحال بدأ يتحسن نسبيًا إلى أن ضاع تليفون العمل الذي كنا نسجل عليه أرقام أوردرات الشغل، ولم نوزع أي شغل إلا منذ أسبوع، وكنت أتوجه إلى جمعية مصطفى محمود لصرف إعانة قيمتها 40 جنيهًا لتساعدنا على ظروف الحياة.

رغبة في الهجرة
لم تستطع الزوجة مواجهة الظروف المعيشية الصعبة التي تواجهها يوميًا في ظل غلاء الأسعار، والاضطهاد الحاصل من أقاربها وأهل سمير، بعد أن تم أكل حقوقها في الميراث وكذلك سمير، وهو ما جعلها تقترح عليه السفر خارج مصر.

وكان الرد عليها من سمير، أنها لم تقل ذلك من فراغ، "فاض بيها وفاض بيا أنا كمان، وأهلي بيدخلوا عليا الشقة وياخذوا أي شيء وإذا تحدثت انهالوا عليا بالضرب، وأخي الصغير هددني بالذبح إذا تكلمت وزوجتي عن محاولة تحرير محضر ضربوني هنا"، وهذا ما دفع زوجتي لمطالبتي بالهجرة من البلد بعد ما رأيناه سويًا من الاضطهاد، إلا أن الزوج ما زال مصرًا على البقاء في وطنه مهما حدث.

الأمل القادم
برغم كل تلك الظروف القاسية المحيطة بالأسرة، إلا أن الزوجين يتمسكان ببصيص من أمل، بعد إنجاب التوأم محمود وفاطمة البالغان من العمر 4 أعوام، فمحمود هو عين أبيه التي يرى بها، واستطاع في مدة بسيطة أن يتعلم الحرفة، ولكن الظروف المادية تقف حائلًا بين إتمام تعليم الطفلين في الحضانة.

وفاطمة -ابنة الأربعة أعوام- تتمنى أن تكمل تعليمها بالمدرسة حتى تصبح مهندسة ديكور، وتستطيع أن تساعد أبيها وأمها الكفيفين.

ومن جانبه يقول الأب، لم يذهب الاثنان إلى الحضانة منذ 10 أيام، بسبب المصاريف التي لا نستطيع توفيرها، وأتمنى ازدهار تلك المهنة حتى نستطيع أن نأكل منها لقمة عيش.
الجريدة الرسمية