عمار الحكيم.. مهندس المصالحة الوطنية في العراق «بروفايل»
برز رئيس المجلس الأعلى الإسلامي في العراق عمار الحكيم، كرجل وفاق، ليس فقط بين مكونات العائلة السياسية الشيعية، ولكن أيضا بين مختلف أعراق وطوائف الشعب العراقي، خاصة بين السنة والشيعة، كما يسعى الحكيم إلى إعادة العراق لمحيطه العربي، وهو ما يبرز خلال جولاته الخارجية، حيث زار الأردن ويتوقع أن يزور القاهرة للقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي، في ثاني زيارة له لمصر منذ 2010، لما تتمتع به مصر من مكانة وأهمية لدى الشعب العراقي.
سيرته:
ولد عمار عبد العزيز محسن الحكيم، في عام 1971 بمدينة النجف، وهو نجل عبد العزيز الحكيم وحفيد المرجع الشيعي محسن الحكيم، وعمه محمد باقر الحكيم.
غادر العراق عام 1979 برفقة والده الذي كان ملاحقا من أجهزة الأمن في عهد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وهو الشاب الذي كبر وترعرع وتثقف ودرس في إيران، وعاد في 2003 بعد الاحتلال الأمريكي للعراق وسقوط نظام صدام حسين، وهو حاصل على شهادة القانون ويتقن اللغة العربية والفارسية.
المجلس الأعلى الإسلامي
يعد المجلس الأعلى الإسلامي أكبر تنظيم سياسي شيعي بالعراق، وفي سبتمبر 2009 انتخب المجلس الأعلى الإسلامي العراقي عمار الحكيم رئيسا للمجلس خلفا لوالده عبد العزيز الحكيم الذي توفي في نفس الشهر.
واعتقل عمار الحكيم من القوات الأمريكية يوم 23 فبراير 2007 على الحدود أثناء عودته من زيارة لإيران ليطلق سراحه بعد 12 ساعة فقط، واعتذر سفير واشنطن لدى بغداد حينها زلماي خليل زاد عن اعتقاله.
وكان عمار الحكيم المقرب والمبعوث الشخصي لعمه محمد باقر الحكيم، رئيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق في العديد من البلدان قبل رجوعه إلى العراق من أجل جمع التبرعات للمجلس في بلدان العالم وخصوصًا أستراليا وأوروبا.
شخصية نافذة:
قربه من عمه محمد باقر الحكيم ووالده عبد العزيز الحكيم، وإدارته لمؤسسة "شهيد المحراب" أدى إلى تمتع عمار الحكيم بنفوذ ليس غريبا على نجل أي زعيم سياسي شرق أوسطي فوالده يعتبر نفسه ويعتبره عدد كبير من القادة العراقيين وغير العراقيين هو الممسك بزمام السلطة في العراق اليوم. ومكنه هذا النفوذ من مده علاقاته إلى الجوار العراقي خاصة لدى الشيعة في الكويت والسعودية وسورية وحتى البحرين وإيران أيضا.
التحالف الوطني:
ولعلاقته الجيدة بالأطراف الشيعية في العراق، انتخب عمار الحكيم، رئيسا لـلتحالف الوطني، ليكون على رأس أهم تحالف سياسي شيعي في العراق والذي يجمع أغلب التيارات والجماعات الشيعية العراقية.
وفي سبتمبر 2016 انتخب عمار الحكيم رئيسًا للتحالف الوطني العراقي بدلًا من وزير الخارجية إبراهيم الجعفري، الذي يتوقع أن يعاد انتخابه في سبتمبر المقبل نهاية المدة القانونية لرئاسة التحالف الوطني.
واعتبر الحكيم أن التحالف الوطني الذي يرأسه يضطلع بدور “ليس فقط في التقريب بين السنة والشيعة وإنما أيضا في التقريب بين كافة أهل العراق من مختلف الطوائف”، مؤكدا أن التحالف “يعتزم فعليا، وفي أقرب وقت، تبني وثيقة للتسوية الوطنية يقدم فيها مشروعا سياسيا جامعا يؤسس للتعايش السلمي بين العراقيين ويضمن حقوق جميع المكونات في مرحلة ما بعد داعش”.
ويتمتع عمار الحكيم بعلاقات قوية مع زعيم التيار الصدر مقتدى الصدر، والأحزاب الكردية والقوى السنية.
السنة والشيعة:
وأكد الحكيم في تصريحات صحفية سابقة، أن “العلاقة بين السنة والشيعة في العراق تقترب من مرحلة النضج، وتسير في بدايات الطريق الصحيح، وكل الأطراف بدأت تتخلى عن أوهامها وتحجم مخاوفها، وهذه مرحلة متطورة جدا وسنبني عليها”.
وأقرّ الحكيم بحدوث ما سماه “أخطاء وتجاوزات” خلال استعادة البعض من المناطق ذات الأغلبية السنية من سيطرة تنظيم داعش، إلا أنه رفض “التهويل” في هذا الأمر وشدد على أن هذه الأخطاء لم تكن ممنهجة.
وقال: “علينا أن نتعامل مع الحقائق فقط وليس مع الشائعات والتهويل، والحشد الشعبي جزء من الدولة وليس من خارجها”، مضيفا “قد تكون هناك أخطاء وتجاوزات ولكنها ليست ممنهجة وليست موجهة، وهذا يحدث حتى في الجيوش النظامية، فكيف الحال ونحن نتكلم عن متطوعين مندفعين في حرب معقدة ومتداخلة”.
مهندس المصالحة الوطنية:
ويروج رئيس المجلس الأعلى الإسلامي لصورته كرجل للوفاق، ليس فقط بين مكونات العائلة السياسية الشيعية، ولكن أيضا بين مختلف طوائف البلد وأعراقه، حيث يحمل الحكيم خطة المصالحة السياسية في العراق لتكون شفاء جراح العراق وتوحيد فصائلة المتناحرة.
واستندت المبادرة، الملقّبة بـ"التسوية التاريخية" إلى القضايا التي يمكن للفصائل السياسية السنّية والشيعية الاتفاق بشأنها بعد تحرير مدينة الموصل من سيطرة تنظيم "داعش".
وتشمل أجندة الحكيم المقترحة قضايا تتراوح بين الشئون المحلية، والأمن الإقليمي، والإرهاب، والترتيبات السياسية.
ترويج المصالحة:
وفي إطار البحث عن دعم مبادرة المصالحة السياسية في العراق، هذا، يزور الحكيم القاهرة لتكون المحطة الثالثة، بعد العاصمتين الأردنية عمّان والإيرانية طهران، في جولاته الخارجية في إطار الترويج لمبادرته التاريخية، مبادرة التسوية الوطنية، والتي تهدف لمصالحة وطنية بين مكونات المجتمع العراقي للحفاظ على وحدته – بحسب تعبير "الحكيم" – لتنطلق عملية سياسية شاملة بين جميع ممثلي الشعب العراقي، بعيدا عن النزعة الطائفية، وخصوصا في مرحلة ما بعد القضاء على تنظيم داعش الإرهابي والذي يخوض الجيش العراقي ضده حربا شرسة تدور مرحلتها الأخيرة في غرب الموصل.
الحكيم ومصر:
ولمصر مكانة خاصة لدى عمار الحكيم فهو يرى أنها الدولة العربية المحورية والمركزية وذات حضارة ومفتوحة على كل طوائف الوطن العربي.
وفي لقاء خاص مع الإعلامي عمرو الكحكي على قناة «إكسترا نيوز» أكد عمار الحكيم، رئيس التحالف الوطني العراقي، أن مصر حليف إستراتيجي ونهتم ببناء شراكة اقتصادية كبرى معها.
ووصف الحكيم، مصر بأنها الأخ الأكبر والركيزة الأساسية، كما أنها حليف إستراتيجي للعراق، مؤكدا أننا نهتم ببناء شراكة إستراتيجية معها وأن أنبوب النفط بين العراق ومصر أحد أهم محددات هذه الشراكة.
لقاء السيسي:
ويزور عمار الحكيم رئيس التحالف الوطني العراقي القاهرة، غدا الإثنين، للقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي لبحث سبل دعم العلاقات الثنائية.
وسيطلع "الحكيم" القيادة المصرية على آخر تطورات الأوضاع السياسية والعسكرية على الساحة العراقية، وسيناقش عددا من الملفات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك.
ويلتقي الحكيم والوفد المرافق له أيضا، خلال الزيارة، رئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس النواب والأمين العام لجامعة الدول العربية، وشيخ الأزهر والبابا تواضروس.
وكان من المقرر أن يزور الحكيم مصر خلال ديسمبر الماضي، إلا أن الزيارة تم تأجيلها، والتي من المقرر أن تكون غدا الإثنين.