استفتاء حاسم لتعزيز صلاحيات أردوغان في تركيا
بدأ الناخبون الأتراك الإدلاء بأصواتهم في الاستفتاء على تعديلات دستورية تتضمن توسيع صلاحيات الرئيس أردوغان، في ظل مخاوف من أن تؤدي التعديلات إلى الحد من دور البرلمان وتسييس القضاء وتركيز السلطات في منصب واحد.
ويصوت نحو 55.3 مليون ناخب بين الساعة الرابعة صباحًا والساعة الواحدة ظهرًا بتوقيت جرينتش في شرق تركيا، ومن الساعة الخامسة صباحًا إلى الساعة الثانية ظهرًا بتوقيت جرينتش في بقية أنحاء البلاد، في استشارة شعبية حول جعل نظام الحكم رئاسيًا لا تبدو نتائجها محسومة.
وقال أردوغان بعد سلسلة طويلة جدًا من التجمعات الانتخابية أمس السبت: "غدًا ستتخذ تركيا واحدًا من أهم القرارات في تاريخها".
وتؤكد الحكومة أن هذا التعديل لا بد منه لضمان استقرار البلاد ومواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية، لكن المعارضة ترى فيه جنوحًا إلى الاستبداد من قبل رجل تتهمه بإسكات كل صوت منتقد، خصوصًا منذ محاولة الانقلاب في 15 يوليو الماضي.
وبينما حاولت مختلف الأحزاب كسب أصوات المترددين السبت في الساعات الأخيرة من الحملة التي انتهت عند الساعة السادسة (الثالثة ظهرًا بتوقيت جرينتش)، بدا أردوغان واثقًا من الفوز، وقال أمس: "إن شاء الله سيكون غدًا يوم عيد لتركيا، غدا تتخذ تركيا أحد أهم القرارات في تاريخها"، داعيًا الأتراك إلى التوجه بكثافة إلى مراكز الاقتراع، وأضاف: "النتائج تبدو جيدة، لكن ذلك يجب ألا يجعلنا نتكاسل، إن 'نعم' قوية ستشكل درسًا للغرب"، وذلك بعد أن كان انتقد بانتظام الاتحاد الأوروبي أثناء حملته.
الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي
صرح أردوغان بأن ترشيح تركيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي المجمد منذ سنوات، سيُطرح مجددًا بعد هذا الاستفتاء، كما أطلق الجدل مجددًا حول إعادة العمل بعقوبة الإعدام التي تعارضها المفوضية الأوروبية.
وفي هذا السياق قال زعيم أكبر أحزاب المعارضة حزب الشعب الجمهوري (اشتراكي ديمقراطي) كمال كيليش دار أوغلو في تجمع قرب العاصمة السبت "هل تريد (تركيا) الاستمرار في ديمقراطيتها البرلمانية أم الانتقال إلى نظام حكم بيد رجل واحد؟"، وشبه النظام الذي تريده سلطات أردوغان بـ"حافلة بدون مكابح لا تعرف وجهتها".
ونددت المعارضة في الأسابيع الأخيرة بحملة غير منصفة مع هيمنة واضحة لأنصار أردوغان في الشوارع ووسائل الإعلام، واضطر حزب الشعوب الديمقراطي، خصوصًا إلى القيام بحملته فيما يقبع أحد رئيسيه ونوابه في البرلمان في السجن بتهمة صلات مع حزب العمال الكردستاني.
وتخضع تركيا لحالة الطوارئ منذ الانقلاب الفاشل، وقد أُوقف بموجبها 47 ألف شخص وسرح مائة ألف آخرين.
حملة مضطربة للحزب الحاكم
من جهة أخرى شهدت الحملة بعض الاضطرابات للحزب الحاكم حزب العدالة والتنمية الإسلامي المحافظ الذي يدعم مع حزب العمل القومي هذا المشروع، وهذا التحالف ضروري لكنه يبقى هشًا، إذ أن القوميين منقسمون بشأن هذا التعديل الدستوري.
واضطر الرئيس أردوغان الجمعة لطمأنة حلفائه القوميين بعدما اتهم زعيم حزب العمل القومي دولت بهجلي أحد مستشاري أردوغان بأنه أعلن أن الفيدرالية احتمال قائم بعد الاستفتاء، وقال الرئيس التركي: "لا يوجد شيء من هذا القبيل".
ويعارض حزب العمل القومي أي شكل من أشكال الفيدرالية يمنح المناطق الكردية في جنوب شرق تركيا نوعا من الحكم الذاتي، وأوردت وسائل الإعلام التركية أن جميع مستشاري ووزراء حزب العدالة والتنمية اضطروا لإلغاء كل مشاركاتهم التليفزيونية في الساعات الأخيرة للحملة لتفادي ارتكاب أي هفوة.
ويشغل الأمن حيزًا كبيرًا في تنظيم الاستفتاء خصوصًا بعد أن دعا تنظيم "داعش" عبر إحدى وسائل الترويج له إلى تنفيذ هجمات على مكاتب الاقتراع الأحد، وبحسب وكالة "دوغان" للأنباء فإن 49 جهاديًا تم توقيفهم في إسطنبول هذا الأسبوع، وأُوقف 19 الثلاثاء في أزمير (غرب) للاشتباه في تحضيرهم لأعمال لعرقلة سير الاستفتاء.
وشهدت تركيا سلسلة غير مسبوقة من الهجمات في الأشهر الأخيرة تم تحميل مسئوليتها إلى مقاتلي تنظيم "داعش" والمقاتلين الأكراد، وذكرت وكالة أنباء الأناضول الحكومية أن نحو 33 ألفًا و600 شرطي سينتشرون الأحد في إسطنبول لضمان حسن سير الاقتراع.
وشغل أردوغان (63 عامًا) منصب رئيس الوزراء بين 2003 و2014 قبل أن ينتخب رئيسًا وهو منصب فخري إلى حد كبير في النظام البرلماني المعتمد في تركيا، وفي حال الموافقة على التعديلات الدستورية سيصبح النظام رئاسيًا ويمكن لأردوغان البقاء في السلطة حتى 2029.
ع.غ/ م.س (آ ف ب، د ب أ)
هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل