بنك معلومات للإرهاب
أحد الحلول التي أعتقد بنجاعتها في كبح جماح الإرهاب؛ وهو إنشاء بنك للمعلومات التي تتعلق بالإرهاب والإرهابيين، وجنسياتهم، وجماعاتهم، وأساتذة التطرف في العالم، وتاريخهم الإجرامي، والعقوبات التي تنتظرهم، وأساليب تنفيذ العمليات الإرهابية... إلخ.
في كل مرة تقع فيها جريمة يروح ضحيتها أبرياء، من مختلف الجنسيات، وتسفك فيها دماء زكية، في معظم دول العالم، نبدأ البحث من نقطة الصفر.. عن المشتبه بهم، والجماعات التي ينتمون إليها، والفكر الذي يعتنقونه، والبلدان التي ينحدرون إليها.. ولا شك أن مثل البنك المقترح سيوفر الكثير من الوقت والجهد، وسيضم العديد من الأفكار التي ستفيد في ضرب الإرهاب ورءوسه، وقطع أذنابه.
وعلى سياق آخر، فإنني أجد نفسي منحازًا للرأي القائل بأن عدم نشر صور الإرهابيين، وأيضا الاكتفاء بنشر الأحرف الأولى من الأسماء، يمثل نوعًا من الرقابة الذاتية، وأن عدم نشر أسماء الإرهابيين يمثل انتهاكًا لحق القارئ في المعلومات، ويتعارض مع الحق في المعلومات، فضلا عن ذلك فإن حجب المعلومات يسهم في انتشار الشائعات، وأخيرا وليس آخرا، فإن هذا الفريق يرى أن حجج ومبررات الفريق الأول ليست مقنعة، وأنها توفر أرضية لانتشار الشائعات وتحول دون وعى المجتمع بطبيعة الإرهاب ودوافعه.
وأرفض الرأي القائل إن نشر صور الإرهابيين مع صور الضحايا بأسمائهم الفعلية والحركية، يفضى إلى وضع الإرهابيين على قدم المساواة مع ضحاياهم، ويسهم في زيادة شهرة الإرهابيين، والإيحاء بطريقة غير مباشرة ومن دون قصد في اعتبارهم قدوة تحتذى من قبل بعض الفئات من المرضى نفسيا والمولعين بالعنف والباحثين عن البطولة والشهرة، وتصدر صفحات الصحف الأولى وغيرها من وسائل الإعلام، فضلا عن تأثير ذلك على "الذئاب المنفردة"، أو ما يسمى "الداعشية الكامنة"، أي أولئك الشباب المقيمين في الدول الأوروبية ويحملون جنسيتها من أصول عربية وأفريقية، أو أولئك الأوروبيين المتحولين حديثا إلى اعتناق الديانة الإسلامية، والعديد منهم يمثلون الجمهور الاحتياطي لـ "داعش"، والعديد منهم على صلة بداعش ودعايتها عبر المواقع المتطرفة والإرهابية على الشبكة العنكبوتية، أو على صلة ببعض المتطرفين في المساجد أو السجون التي ارتادوها لفترة من الوقت.
وينتهى هذا الفريق إلى رفض نشر صور الإرهابيين والاكتفاء بنشر أسمائهم والاكتفاء بالتحقيقات الاستقصائية حول حياة هؤلاء الإرهابيين والبيئات الاجتماعية التي نشأوا فيها وعلاقاتهم الاجتماعية وصداقاتهم التي أثرت فيهم وقادتهم إلى الانخراط في الأعمال الإرهابية، واعتبار ذلك ضرورة لفهم دوافع الإرهاب وطبيعة المناخ التي يفضى إلى الانخراط في هذه الأعمال الوحشية، وعلى رأس هذه الصحف والوسائل الإعلامية التي اتخذت هذا الموقف جريدة "لوموند" الفرنسية وجريدة "لاكرو" وبعض القنوات التليفزيونية الإخبارية والإذاعية.
وأخيرًا، أطالب وسائل الإعلام بمراعاة الحالة النفسية لأسر الضحايا، وعدم الانجرار إلى البحث عن نسب المشاهدة على حساب ميثاق الشرف المهني، والضمير الإعلامي.