حقيقة هجرة الأقباط إلى إسرائيل
البداية خبر كاذب ومختلق.. نشرته إحدى الصحف المصرية على موقعها، يقول بأن إسرائيل فتحت باب الهجرة رسميا لأقباط مصر بعد زيارة أوباما بأربعة أيام، وإن هناك 247 أسرة قبطية قد تم قبول لجوئهم بالفعل، وذكرت الجريدة اسما وهميا وهو الدكتور منصور الصموئيلى المحامى القبطى بإسرائيل، ولا أعرف قبطيا فى مصر كلها يسمى بالصموئيلى، لأن هذا اللقب يطلق على رهبان دير الأنبا صموئيل المعترف.
الجدير بالذكر أن الخبر تم نشره تحت اسم صحفى قبطى، وهذا الصحفى تحديدا قد تم نشر عشرات الأخبار الكاذبة المدسوسة الأمنية المخابراتية باسمه، والتى تخص الأقباط بالذات، ومنها فتح هولندا باب اللجوء الدينى لأقباط مصر بلا شروط، ومبالغات وأكاذيب عن أعداد الأقباط الذين هاجروا إلى جورجيا، وتأسيس أقباط المهجر لبنك فى الخارج لتمويل الحملات الانتخابية لمعارضى الإخوان.. وهلمّ جرا.
وزادت الحكاية واتسعت وقالوا إن الخبر نشرته صحيفة هآرتس يوم 31 مارس، ونقلت الخبر عشرات المواقع وناقشته برامج التوك شو الليلية، وتسرع بعض الأقباط ونشروا بيانات دفاعية تنفى التهمة.. المهم عند الحد الأدنى تم وضع الأقباط فى موقف دفاعى عن أنفسهم، وهو جزء هام من لعبة نشر الشائعات والأخبار الكاذبة عن الأقباط.
عدت إلى صحيفة هآرتس يوم 31 مارس، وبحثت ليس فى ذلك اليوم فقط، ولكن بشكل عام ولم أجد أى شىء يشير إلى هذا الخبر، وقام راديو إسرائيل بنفى الخبر، وقام موقع مسيحى يديره بعض من عرب إسرائيل من المسيحيين ونشروا هم أيضا نفيا كاملا للخبر، بل وبحثوا فى كشوف المحامين المعتمدين فى إسرائيل ولم يجدوا أى أثر للمدعو منصور الصموئيلى.
لم أكتف بهذا بل سألت اثنين من رؤساء مراكز الأبحاث فى واشنطن من اليهود والذين يتابعون بدقة ملف الصراع العربى الإسرائيلى، وبالطبع نفوا الخبر تماما، بل وتعجبوا من نشر خبر كهذا، فشرحت لهم الدوافع السياسية الخطيرة وراء نشر مثل هذه الأخبار العدائية للأقباط، ونحن نتناقش معا دار الحوار حول عبثية الخبر، فإسرائيل لا تفتح باب الهجرة رسميا إلا لليهود فقط، وفتح باب الهجرة الرسمى لغير اليهود يحتاج إلى تصويت رسمى ومعلن للكنيست على إجراء خطير مثل هذا، بل ربما يحتاج الأمر إلى استفتاء عام للموافقة على إجراء كهذا سيخل بالتركيبة اليهودية، كما أن هذا الموضوع لو حدث لكان حديث الساعة ليس فقط داخل إسرائيل، ولكن فى كافة المنتديات ومراكز الأبحاث اليهودية حول العالم.
باختصار هذا الخبر المختلق متبجح فى الكذب، والسؤال.. ما هى الأبعاد السياسية وراءه؟.
الإجابة بوضوح أن من يحكمون مصر حاليا يحلمون ويخططون لتفريغ مصر من مسيحييها، ولما كان من رابع المستحيلات فى العصر الحالى عمل مذبحة لــ 15 مليون شخص، فإن الوسيلة الناجحة لذلك هى تهجير الأقباط من خلال الترويع أو الإفقار أو نشر كل ما يتعلق بتحفيز العقل الجمعى القبطى على الهجرة، بالإضافة إلى تسخير بعض الأقباط كمقاولين أنفار فيما يتعلق بتسريع هذه الهجرة، وقد تلقيت العديد من الشكاوى من جورجيا من أقباط خدعهم محامٍ قبطى أمنى من شبرا يدعى أنه يدافع عن حقوقهم، وهو نجيب جبرائيل، حيث استغلهم بجشع أكبر استغلال مالى وباع لهم أوهاما لم يجدوا منها شيئا هناك.
على العموم.. هذا يجعلنا نقول رسالة واضحة للأقباط البسطاء أو الحالمين بالهجرة أو حسنى النية، الهجرة قرار صعب ومصيرى فى حياة الإنسان، وهى مهمة ومطلوبة وضرورية فى حالة تعرض الإنسان لخطر جسيم فى بلده أو فى حالة وجود فرصة نجاح محسوبة ومدروسة فى بلد المهجر، أما بخلاف ذلك فإن الهجرة لمجرد الهجرة هى موضوع مرفوض من جانبى على الأقل ولا أنصح به أحدا.
أما الرسالة الأخرى فإننى أوجهها للحالمين بتفريغ مصر من الأقباط، وأقول لهم هذا لن يحدث، فحتى ولو ترك مصر مليون أو مليونا قبطى فستبقى الأغلبية فى مصر، فالأقباط لديهم قوة وصلابة واحتمال الأهرامات، وقد مرت عليهم عصور متشحة بالسواد والهباب ولكنهم تجاوزوها وصمدوا فى مواجهتها، ولا أعتقد أن مثل هذه العصور ستعود مرة أخرى، ولهذا أقول لهؤلاء الحالمين بترك الأقباط لمصر: نحن باقون هنا.. صامدون هنا.. دائمون هنا.. أقباط مصر تلك الأقلية الصامدة الصابرة المنتصرة.