رئيس التحرير
عصام كامل

بالفيديو.. مدرسة التربية الفكرية مواهب تتحدى الإعاقة..«تقرير»

فيتو

هناك، في أحد الشوارع الجانبية بالهرم، حيث يمتزج صوت الباعة الجائلين مع صخب الشارع المتولد من رحم السيارات العابرة، وأصوات المارة السائرين على جنبات الطريق، تقبع مدرسة "التربية الفكرية"، في مكان يرفع شعار السكينة، يختلف عن غيره من أماكن المدارس التي دائما ما ترفع شعار الضجيج.


تقف أمام المدرسة ونفسك تدفعك للدخول إليها، مكان غريب هادئ يلفت الأنظار، يغرس فيك حبات الفضول لتعرف فحوى ما يدور بالداخل، وما أن تستجيب لتلك الفكرة، وتخطو قدماك عابرة بك البوابة الخاصة بها، حتى تكتشف سر سكون المكان، فأول ما تقع عليه عينك هو تلك الوجوه الملائكية التي كُتِب عليها أن تسمو بنفسها عن كل ذي نقص يحدث في الحياة الخارجية، وتطمئن لهذا الوقار وذاك الحنو، مستمتعة روحهم بذلك القفص، فرحين مبتسمين رغم طبيعتهم الخاصة، أبدانٌ رغم إعاقتها إلا أنها أبت إلا أن تهنأ وترضى.

تدخل المدرسة ليروْا فيك شخصا غريبا، إنه ليس من المدرسين الذين نعتاد رؤيتهم، ليس عاملا من عمالها، ينظرون إليك بريبة وتعجب، وجوههم يبدو عليها أسئلة كثيرة، وكأن لسان حالهم يقول: "ما الذي أتى به إلى هنا؟"

نفحاتٌ من الرحمة تُربت على قلوب هؤلاء، يبادرونك بإلقاء التحية بتلويح أياديهم لك، طلابٌ صاحبتهم الإعاقة الذهنية، وقرروا أو قُرّر لهم أن يستمتعوا بكل لحظات الحياة رغم أنين ذويهم عليهم، ففي رحاب هؤلاء لن تجد المشكلات العامة التي يُعانى منها طلاب المدارس الأخرى، فلا "البوكليت" يشغل حيزًا من أذهانهم، ولا الثانوية العامة تمثل لهم "بُعبعا"، ولا المسئولون يقبعون في ذاكرتهم، هناك لن تجد مآسي الطلاب الطبيعيين، وحتمًا، ستجد بهجة غير تلك التي يعرفها ذوي الألباب الصحيحة.

«فيتو» خاضت التجربة وقررت قضاء يوم مع طلاب المدرسة الفكرية، في محاولة منها لتسليط الضوء عليهم، والوقوف على أهم المشكلات التي تواجههم.

يبدأ يومهم الدراسي عادة بطابور الصباح، ومنه إلى حصص التعليم، تلك التي يضطرُ فيها المدرس لإعادة ما شُرِح بالأمس مرة أخرى، فضعف الذاكرة لديهم يجبر المدرس على ذلك حسبما تروي انتصار عرفات، مديرة المدرسة ذاتها.

أوضحت خلال حديثها أن المدرسة هي إحدى مدارس التربية الفكرية «إعاقة ذهنية» وتضم 292 طالبا وطالبة في المراحل التعليمية المختلفة بها، وأن مراحل التعليم بها تبدأ بسنتين للتهيئة «الكى جى» يعقبها 6 سنوات في المرحلة الابتدائية، قبل أن يختتم الطالب رحلة دراسته بـ3 سنوات في التعليم المهنى، وأكدت أن هناك العديد من الطلاب الذين يمتلكون مواهب متعددة سواء في الغناء أو الرياضة أو غيرها من المواهب الأخرى رافعين شعار «مواهب يتحدون الإعاقة»

مديرة المدرسة أكدت  أن الطالب يكون مهيئا بعد تلك الرحلة لممارسة حرفة أو مهنة معينة، وأن مراحل التعليم المهني تشمل تعليم النجارة أو النسيج والزراعة أو الخياطة بالنسبة للبنات، وأن المدرسة تعتمد في الأساس على تأهيل الطالب نفسيًا وفكريا لممارسة حياته بشكل طبيعى، والقدرة على مزاولة إحدي الحرف بعد انتهاء فترة دراسته.

«عرفات» أشارت إلى أنه نظرًا لطبيعة الطلاب في المدرسة واختلافهم عن الطلبة العاديين فإن المدرسين يكونون في الغالب خريجي قسم التربية الفكرية من كليات التربية، بجانب أنه يتم إعداد ورش ودورات تدريبية لهم بشكل مكثف، للتعامل مع الطلاب بشكل يتلائم مع طبيعتهم الذهنية، موضحة أن أهم المشكلات التي تواجه المدرسين هي ضعف الذاكرة لدى الطلاب، مما يضطرهم لإعادة ماتم شرحه مع بداية كل يوم حتى يتسنى لهم تذكره ومراجعته مرة أخرى.

وتابعت: إن المدرسة تقدم مجموعة من الأنشطة والامتيازات للطلاب في محاولة منها لإقامة توازن بين الجرعة العلمية والترفيهية للطلاب، وأهم المشكلات التي تعاني منها مدارس التربية الفكرية هي النظرة المجتمعية وتغيير ثقافة أولياء الأمور، لافتة إلى أن هذا الأمر يحتاج إلى تغيير ثقافة المجتمع وأولياء الأمور في نظرتهم إلى طبيعة تلك المدارس، وإن كانت تلك النظرة اختلفت مؤخرا عن الأعوام السابقة قائلة:«أنا بتعامل مع الطلاب هنا بشكل شخصى، وبعتبر نفسى أم ليهم ولو فيه أي مشكلة خاصة عند أي حد فيهم بدخل وبحلها».
الجريدة الرسمية