العرب فى "المقدمة"
أخيرا، عثرت على مؤشر عالمى يحتل فيه العرب مراكز «عُليا».
المؤشر الصادر عن منظمة التعاون الاقتصادى والإنماء، التابعة للأمم المتحدة، لا يتحدث عن الديمقراطية، أو متوسط دخل الفرد، أو طيلة العمر، وإنما عن السمنة.
العرب يحتلون أربعة مراكز بين العشرة الأولى لأكثر الشعوب سمنة، وهى تدرجا من المركز الأول: ساموا الأمريكية، توكيلا (ولا تسألونى أين هى)، تونغا، كيرباتى، المملكة العربية السعودية، الولايات المتحدة، الإمارات العربية المتحدة، مصر، الكويت، نيوزلندا.
إذا ألغينا المراكز الأربعة الأولى، وهى لجزر ومستعمرات، تصبح المراكز الخمسة الأولى للعرب، باستثناء الثالث الذى يحتله الأمريكيون، يعنى حتى السمنة ينافسوننا عليها.
كنت طلبت معلومات عن السمنة بعد أن وجدت بين أوراقى قصاصة صحافية تضم خبرا عنوانه: السمنة تقتل أكثر من الجوع فى زحف «التقدم».
التفاصيل نشرتها مجلة «لانست» الطبية البريطانية قرب نهاية العام الماضى، وهى تعتمد على دراسة هائلة أجرتها مؤسسة بيل ومليسا غيتس عن الأمراض حتى سنة 2010 فى 187 بلدا تضم حوالى 650 مليون إنسان.
قادنى البحث إلى أرقام منظمة التعاون الاقتصادى والإنماء، وهى تشمل آخر أرقام السمنة حتى سنة 2012، ووجدت أن الدول العشر الأقل سمنة تضم الصين واليابان وأريتريا، وهذه الأخيرة ربما كان سبب غياب السمنة فيها الجوع لا الوعى الاجتماعى.
تقرير المنظمة التى تضم 34 دولة يرجح أن واحدا من كل ثلاثة أشخاص فى العالم سنة 2020 سيعانى من السمنة. وأترك المستقبل لأهله، وأقول إن التقرير يُظهر أن أربعة فى المائة من اليابانيين يعانون من السمنة، إلا أنها فى بلداننا المتقدمة والولايات المتحدة تراوح بين ربع السكان وثلثهم.
دراسة الزوجين غيتس ذكرتنى بأن السمنة سبب مصائب أخرى كثيرة مثل السكرى وأمراض القلب والشرايين، ووجدت تقريرا صادرا عن الاتحاد الدولى لمرض السكرى يسجل نسبة الإصابة بهذا المرض فى 223 دولة ومنطقة (عدد أعضاء الأمم المتحدة 193 دولة).
بين الدول العشر «الأوائل» فى مرض السكرى هناك خمس دول عربية وتحتل الإمارات المركز الأول والسعودية الثانى والبحرين الخامس وقطر السادس والكويت الثامن.
أقل الدول العربية إصابة بالسكرى اليمن (214) والسودان (185).
بين الأوائل والأواخر هناك عُمان (12) ومصر (20) وسوريا (23) والعراق (30) والأردن (37) وتونس (47) والجزائر (70) والمغرب (74) ولبنان (80).
لا أعرف من الطب سوى الفحص السنوى عند طبيب العائلة، ولكن أنقل بدقة، وراجعت أرقاما رسمية أمريكية عن تصلب الشرايين وفوجئت بأن اليمن التى كانت فى أفضل وضع عربى بالنسبة إلى السمنة أصبحت فى أعلى، أى أسوأ، مركز عربى فى هذا المرض ومركزها الثانى عشر، وبعدها تدرجا، وسأتجاوز الأرقام هذه المرة، الصومال والعراق وليبيا وتونس وقطر والجزائر والبحرين وعُمان والسعودية ومصر والمغرب وسورية ولبنان والأردن والإمارات.
وهنا مرة أخرى أنقل بدقة من دون أن أزعم أننى أعرف الأسباب، فالإمارات التى كانت متقدمة فى السمنة والسكرى سجلت أفضل موقع عربى فى أمراض تصلب الشرايين، فقد كانت الأقل إصابة عربيا.
توقفت بعد ما سبق عن البحث، مع أننى كنت أريد أن أعرف المواقع العربية من أمراض مثل النوبة القلبية والجلطة الدماغية، إلا أننى قررت أننى لا أستطيع أن أفصل هذين المرضين عن السياسة العربية هذه الأيام، فالربيع العربى المزعوم «يجيب العصبى»، وهو حتما يوجع القلب والدماغ لمَنْ عنده قلب أو دماغ، فلا أقول سوى أن حكوماتنا الرشيدة يجب أن توفر للمواطن وعيا صحيا أكبر لأن الأمراض القاتلة عبء على كل دولة.
نقلا عن الحياة اللندنية