رئيس التحرير
عصام كامل

قافلة علماء الأوقاف بالإسماعيلية تبرز خطورة التكفير والفتوى بدون علم

فيتو

واصلت اليوم الجمعة، القافلة الدعوية لعلماء وزارة الأوقاف عطاءها العلمي والدعوي بالمساجد الكبرى بمحافظة الإسماعيلية برئاسة وزير الأوقاف محمد مختار جمعة.


أبرز علماء القافلة خطورة التكفير والفتوى بدون علم، وضرورة الاصطفاف في مواجهة الإرهاب وألقى الدكتور رمضان عبد السميع– الباحث بالإدارة العامة لبحوث الدعوة – خطبته بمسجد حسين عيادة بمدينة القصاصين، موضحًا أن الدين الإسلامي الحنيف أمر أتباعه بالوسطية والاعتدال، ونهاهم عن الغلو والانحلال، يقول الحق سبحانه: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا}، والوسطية تعني: العدل والاعتدال، والبعد عن كل مظاهر الغلو والتشدد، فلا إفراط ولا تفريط، لا غلو ولا تشدد في الإسلام، وأوصى نبينا (صلى الله عليه وسلم) بالقصد والاعتدال في كل أمور الدين والدنيا، فقال (صلى الله عليه وسلم): ( إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلاَّ غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا، وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ)، وقال (صلى الله عليه وسلم): (إِنَّمَا بُعِثْتُ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ).

وأشار إلى أن تعاليم ‌الدين الإسلامي تحارب التطرف والتعصب، وتنبذ كل مظاهـر العنصرية البغيضـة، وهذه هي الوسطيـة في أكمـل معانيهـا، والتي شَرَّفَ الله (عز وجل) بها أُمّةَ النبي (صلى الله عليه وسلم)، فجعلها أُمَّةً وسطًا بين سائرِ الأُمم، مؤكدًا أن النبي (صلى الله عليه وسلم) حذر من الغلو في الدين، ونهى أصحابه عن المبالغة التي تخرجهم عن حدّ الاعتدال، فقال (صلى الله عليه وسلم): (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ، فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ)، فليس في ثقافة الإسلام ولا تعاليمه ما يدعو إلى الغلو والكراهية.

كما القى عزام عبد الحميد أبو زيد – الباحث بالإدارة العامة لبحوث الدعوة – خطبة الجمعة بمسجد الزيود بمدينة القصاصين، موضحًا أن الإسلام برئ من آفة الفكر التكفيري المتشدد، الذي يدعو لسفك الدماء البريئة بغير حق، واستهداف للأمن والأمان والاستقرار، ويرفض التعايش السلمي الذي دعا إليه الدين الإسلامي الحنيف، وسبب نشأة هذا الفكر المتطرف هو الجهل بتعاليم الإسلام، واتباع أناس جُهَّالٍ ضلُّوا وأضلوا بغير علم، أو أصحاب مصالح خاصة يوظفون الدين لمصالحهم وأهوائهم ومطامعهم السلطوية، على أن من يسلك هذه المسالك التكفيرية أو التخريبية أو يقدم على الفتوى بدون علم لن يجني إلا حسرة وندمًا وسوء عاقبة.

ومن على منبر مسجد الخير والبركة بمدينة القصاصين أكد الدكتور عمرو محمد عبد الغفار – الباحث بالإدارة العامة لبحوث الدعوة – أن التكفير بما يترتب عليه من مخاطر وأضرار سببه الفتي بغير علم، والتجرؤ على دين الله (عز وجل)، واستخدام بعض الجماعات وعناصرها المتطرفة الدين لتحقيق أغراض ومآرب ومصالح خاصة لا علاقة لها بالدين ولا بالإنسانية، ومن ثمَّ كان النهي عن التسرع في الفتيا بدون علم أو سند شرعي، قال تعالى: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}، وقال (صلى الله عليه وسلم): (مَنْ أُفْتِيَ بِغَيْرِ عِلْمٍ كَانَ إِثْمُهُ عَلَى مَنْ أَفْتَاهُ)، وكان أكابر الصحابة العلماء الربانيون يتحرجون من الفتيا، لعلمهم بخطورتها، فها هو الصديق أبو بكر (رضي الله عنه) يقول: (أَيُّ سَمَاءٍ تُظِلُّنِي؟ وَأَيُّ أَرْضٍ تُقِلُّنِي؟ إِذَا قُلْتُ فِي كِتَابِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ)، وسئل الشعبي عن مسألة فقال: لا أحسنها، فقال له أصحابه: قد استحيينا لك، فقال لكن الملائكة لم تستح حين قالت: {لاَ عِلْمَ لَنَا إِلا مَا عَلَّمْتَنَا}.

كما ألقى الدكتور جلال محمد غانم – عضو المركز الإعلامي بالوزارة – خطبة الجمعة بمسجد الهوانية الكبرى بمدينة القصاصين، موضحًا أن الفتوى بغير علم جرأة على الله (عزّ وجلّ)، وكذب وافتراء عليه، وعلى رسوله (صلى الله عليه وسلم)، وتُعرض صاحبها للخسران يوم القيامة، وتُوقع الناس في المشقة والحرج، وتُعسر عليهم أمر الدين، وتَحجب عنهم سماحته، ووسطيته، وقد كان السلف الصالح (رضوان الله عليهم) يتحرجون من الفتيا لخطورتها، يقول عبد الرحمن بن أبي ليلى: أدركت عشرين ومائة من الأنصار من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يُسألُ أحدهم عن المسألة فيردها هذا إلى هذا، وهذا إلى هذا، حتى ترجع إلى الأول.

وعلاج هذه الظاهرة يتمثل في توعية المجتمع المسلم بكافة أطيافه، وأن نوضح له خطر هذا المنهج وضرره في الحاضر والمستقبل، وأن نعالج الأفراد الذين وقعوا فيه بأن نزيل عنهم الشبهة والغشاوة التي طرأت عليهم ونوضح لهم الحق عن طريق التوعية الصادقة والنصيحة الهادفة، فكم من أناس انخدعوا واغتروا بدعاة ظنوا أنهم على خير وأنهم محقون ؛ لكنهم على باطل وضلال، فساءت أفهامهم وقلَّ إدراكهم، فلا بد من توجيههم وإزالة كل الغشاوة التي علقت بأذهانهم.

فما أحوجنا إلى اصطفاف وطني لمواجهة الإرهاب الغاشم وكل قوى الشر والظلام التي تهدم ولا تبني، وتخرب ولا تعمر، وطبعت قلوب أصحابها على الشر والإفساد، مما يتطلب منا جميعًا التكاتف والتعاون لاستئصال قوى الشر، والعمل على نشر سماحة الإسلام، وترسيخ أسس المواطنة الكاملة والعيش الإنساني المشترك، وتحقيق الحياة الكريمة الآمنة لكل الناس، بعيدًا عن كل ألوان التكفير والتفجير والتخريب. سائلًا الله تعالى أن يجعل مصرنا أمنًا أمانًا، سخاءً رخاءً وسائر بلاد العالمين.
الجريدة الرسمية