أزمة الخصوص بين التوصيف والحل (1)
جاءت الأحداث الأخيرة التى شهدتها منطقة الخصوص، ومحيط الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، وما ترتب عليها من تداعيات تتعلق بتوصيف الأزمة، وأسلوب إدارتها، لتزيد المشهد الحالى التباسا.
فقد ذهب معظمنا إلى النظر إلى الأزمة الحالية نظرة ضيقة للغاية، وحصرها فى نطاق طائفى ضيق، يتعلق بما رسمه الطفل على سور المعهد الأزهرى، وما ترتب عليه من إثارة المشاعر الدينية لدى مسلمى المنطقة.
أما فيما يتعلق بإدارة الأزمة، فقد شاهدنا جميعا ما تم اللجوء إليه من خطوات على المستوى السياسى من خلال زيارة وفد رئاسى للكنيسة، أو على المستوى الشعبى والأمنى من خلال جلسة الصلح التى تمت بمنطقة الخصوص، وهى ما بدت كخطوات أو كمشاهد معتادة، شاهدناها مرات عديدة فى أزمات مشابهة، ولم تأت بأى ثمار، بدليل تكرار نفس هذه الأزمات بين الحين والآخر.
فالحل لا يمكن أن يتم من خلال زيارات للكنيسة أو جلسات عرفية أو شعارات أو مسيرات تحمل الهلال مع الصليب، فكل هذه الحلول ما هى إلا مسكنات، سرعان ما ينتهى مفعولها، تاركة آثار جانبية تنتهى بتجدد الأزمة مرة أخرى، مع اختلاف الوقائع.
فإدارة الأزمة، وحلها، لا يتم إلا من خلال البحث عن جذورها، من خلال توصيفها فى نطاقها الصحيح، فعلى الرغم -ومن وجهة نظرى- أن البعد الطائفى له الدور الأهم والأكبر فى اندلاع الأزمة الحالية، إلا أن هناك بعدين آخرين - لا يمكن بأى حال من الأحوال الاستهانة بهما- كانا لهما دور كبير فى إشعال الأزمة، وهما بعد سياسى مسئول عنه النظام الحالى، وبعد إجرامى مسئول عنه مثيرى الشغب ومن يقودهم.
أما فيما يتعلق بالبعد الطائفى، لا يستطيع أحد أن ينكر أن هناك حالة احتقان طائفى، استقرت فى عقيدة فئة كبيرة من المتعصبين، الرافضين لتقبل أى دين آخر غير دينهم، وعلى الرغم من أن حالة الاحتقان هذه لم تكن جديدة ولم تكن وليدة اللحظة، إلا أن هناك عاملاً رئيسيًا ساهم فى إظهارها وبصورة واضحة خلال الفترة الأخيرة، وهو بعض شيوخ الفضائيات، وتصريحاتهم وفتواهم المثيرة للفتنة، والتى دفعت الكثير إلى رفض تهنئة الأقباط بأعيادهم، وتحويل أى مشكلة عادية بين مسلم ومسيحى إلى أزمة طائفية، ويعد أقرب دليل على ذلك محاولة البعض لإلحاق بعد طائفى بحادث قطار البدرشين، لكون سائق القطار مسيحيًا!.
يتبع..
nour_rashwan@hotmail.com