رئيس التحرير
عصام كامل

الإعلام.. صور تجرح ولكن لا تبث الفتنة


في كلمته للمصريين لام الرئيس عبد الفتاح السيسي الإعلام لأنه عرض لقطات من لحظات تفجيري كنيستي مارجرجس بطنطا والمرقسية بالإسكندرية مما تسبب في جرح للمصريين، وطالب الإعلاميين بأن يخلوا بالهم من مصر وشعبها.


الإعلامي حمدي الكنيسي قال إن الإعلام "لم يهتم بكشف أبعاد ما حدث، وإنما اهتم بالإثارة والسعي وراء الحصول على صور القتلى، مضيفًا –من خلال ما نشرته «فيتو»– أنه: "كان على الإعلام أن يهتم بكشف أسباب وأبعاد هذا الحادث المخطط والمدبر له بدقة".

المطلوب إذا أن يتحلى بقدر أعلى من الإحساس بالمسئولية الاجتماعية، من الناحية النظرية من الممكن أن تتحدث بالساعات تملأ الصفحات عن المسئولية الاجتماعية للإعلام.

لم يعد ذلك ممكنًا من الناحية العملية، ليس على الأقل في زمن وسائل التواصل الاجتماعي، فالإعلام نشر الصور أم لم ينشرها فإن الناس كانت ستبحث عما لم يبثه الإعلام وستتناقله وسائل التواصل الاجتماعي.

الإعلام المصري لم يفقد الإحساس بالمسئولية الاجتماعية.. ربما كان يحتاج الإعلام إلى نشر تنويهات أن الصور قد تؤذي المتفرج كما تفعل بعض الشبكات العالمية.. ولكنه لن يستطيع في هذا الزمن المليء بالمعلومات المصورة أن يقف بينما تتناقل وسائل التواصل الاجتماعي صورًا أخرى.

فها هو تليفزيون "روسيا اليوم" يعرض على موقعه فيديو لمشاهد عقب تفجير كنيسة طنطا في تقرير بعنوان "أحد شعانين دموي في مصر: تفجيران بكنيستين وعشرات الضحايا والجرحى".. الفيديو تم تصويره عن طريق كاميرا تليفون محمول.

لم يكن من الممكن للإعلام أن يهتم بكشف أسباب وأبعاد الحادث كما قال الإعلامي حمدي الكنيسي، فالمصريون أصبحوا يعرفون أسباب الحادث ودوافع داعش، اللهم إلا إذا كان الإعلامي حمدي الكنيسي يعرف أن الإعلام كان يمكن أن يكشف عن أسباب وأبعاد لا يعرفها المشاهد.. كما أن المشاهد في مثل هذه التفجيرات التي تكون أهدافها واضحة يبحث عن الصورة ولا يهتم كثيرًا بالتفسير.

ومن الناحية التقنية، يمكن لقوات الأمن أن تمنع التليفزيونات من التصوير في موقع الحادث، ويمنع حتى دخول التليفونات، ولكنه لن يتمكن من إيقاف من قاموا بتصوير مواقع الحادث بعد وقوعه مباشرة.

الإعلام قد يتسبب فيما هو أسوأ من الجراح.. فالإعلام قد يتسبب أحيانًا في بث الذعر بين أفراد المجتمع أو بث الفتنة والفرقة.. لا أعتقد أن أيًا من الإعلاميين أو الباحثين من رصد تغطية إعلامية تبث الذعر أو الفتنة بين أفراد المجتمع.. ويكفي أن تقرأ مقال الصحفي البريطاني بيرس مورجن في "الديلي ميل" أو "ميل أونلاين"، والتي جاءت بعنوان: "إبادة المسيحيين في مصر لا تحظى بالاهتمام الكاف.. لماذا؟" حتى تعرف الفرق بين الإعلام المصري وغيره من الإعلام.

بيرس مورجان تحدث لقناة "فوكس نيوز" الأمريكية متسائلا لماذا تحظى حوادث إرهابية أقل ضخامة مما حدث في مصر بتغطية عالمية كبيرة، ثم قدم تفسيرًا أقل ما يمكن القول عنه إنه لا يجب أن يصدر عن إعلامي محترف، إلا إذا كان يهدف لإثارة المسيحيين من المصريين في الغرب.
الجريدة الرسمية
عاجل