«كتابات العرب» بلغات أجنبية بين الرغبة والإجبار.. «مولود فرعون» حارب الاستعمار الفرنسي بلغته.. «غادة كرمى» تكتب عن القضية الفلسطينية بالإنجليزية.. وسليم حداد: لغة التواصل
في عصر العولمة والانفتاح الثقافي على أفكار وثقافات العالم، يبذل الكتاب والمثقفون العرب قصارى جهدهم للوصول إلى أكبر عدد من القرّاء حول العالم لتحقق رسائلهم الغرض المنشود.
وفى سبيل ذلك يختار البعض الكتابة بلغات أجنبية سواء كانت الفرنسية أو الإنجليزية، حيث يَرَوْن أنها أسرع في الوصول للعالم الذي لا يعرف شيئا عن اللغة العربية وقضايا متحدثيها.
الكتابة بالأجنبية
وبالرغم من أن بعض الأدباء والشعراء العرب اختاروا الكتابة بلغات أجنبية بملء إرادتهم، فإن آخرين اجبروا عليها حين فشلوا في تعلم لغتهم الام، حيث أجبر الاستعمار وخصوصا الفرنسي بعض الكتاب والشعراء العرب على الكتابة باللغات الأجنبية، وكان الكاتب الجزائرى مالك حداد خير مثال على ذلك، حيث قال إن لغته منفاه.
مولود فرعون
اشتهر الأديب الجزائرى مولود فرعون بمقولته «أكتب بالفرنسية، وأتكلم بالفرنسية، لأقول للفرنسيين: إني لست فرنسيا»، فقد قاوم فرعون الاحتلال الفرنسي لبلاده بالكلمة واختار لغة الاحتلال لتكون أكثر تأثيرا وأسرع وصولا فتصيب هدفها.
وكان أكبر دليل على بلوغ هدفه ووصول رسالته بتوجيه ضربات متتالية لسلطات الاستعمار، هو سقوطه غدرا برصاص في 15 مارس 1962، حيث كان في مقر عمله، مهمومًا بقضايًا العمل وبواقع وطنه خاصة في المدن الكبرى في تلك الفترة الانتقالية، حين اغتالته عصابة الجيش السري الفرنسي المعروفة ب(أويس) والتي كانت تمارس جرائم الاختطاف والقتل ليلا، فقضت على أحلام مولود بمحاربة الاستعمار.
غادة كرمى
اختارت الطبيبة والكاتبة الفلسطينية غادة كرمى الكتابة باللغة الإنجليزية لتصل رسالتها عن القضية الفلسطينية إلى العالم، فمن لا يتحدثون العربية هم المنشودون من قراءة أعمالها التي تحكى فيها معاناة الفلسطينى المهجر من أرضه، كما تنقل في كتاباتها شكل الحياة التي عايشتها قبل الرحيل عن أرض البرتقال، ومن أشهر أعمالها الأدبية سيرتها الذاتية التي كتبتها عام 2002 وحملت عنوان «البحث عن فاطمة: قصة فلسطينية».
سليم حداد
يرى الكاتب اللبنانى الشاب سليم حداد أن اللغة التي يستخدمها الشخص للتواصل ليست بالضرورة خياره الأول للكتابة، ووفقًا لأحد حواراته الصحفية، فقد اختار كتابة روايته الشهيرة «جوابا» باللغة الإنجليزية، حيث قال «جاءت لي قصّة «جوابا» باللغة الإنجليزيّة، لذلك كتبتها بالإنجليزيّة»، كما يعتقد أن التحرر الرقابي للأعمال المكتوبة بالإنجليزية جعلها أقرب اليه منذ صغره خصوصا وأنها لا تعانى من مشكلات مع طرح القضايا الشائكة والمحظورة اجتماعيا وأخلاقيا، إضافة إلى أن موضوع الرواية يدور حول المثلية الجنسية مما يدفع إلى التفكير في لغة تصل إلى شرائح أكبر.
صلاح ستيتيّة
رسخ الشاعر اللبناني صلاح ستيتيّة اسمه باعتباره أحد أشهر شعراء اللغة لفرنسية، وقد نال العديد من الجوائز كالجائزة الكبرى للفرنكفونية وجائزة مهرجان الشعر الدولي، جائزة سان سيمون الكبرى، وجائزة جان جاك روسو.
وعلق صلاح في أحد حواراته على اختياره للفرنسية قائلا إن السبب الرئيسي يرجع إلى أنه بدأ تعلم الفرنسية بعمر الـ 4 سنوات، لكنه عشق اللغة وأصبح قارئًا نهمًا، موضحا أنه لم يشعر يوما أنه ممزق بين لغتين، ولم يكن منفيًا داخل اللغة الفرنسية.
كما ترسخت علاقته باللغة الفرنسية بوجه عام، وبالشعر الفرنسي بوجه خاص، بشكل أكاديمي قوي مع دراسته بالمدرسة العليا للآداب ببيروت على يد العالم الكبير غابريال بونور، ومن بين الكتاب المغاربة المعروفين الذين كانوا من بين طلبته الطاهر بن جلون وخيرالدين وغيرهم.