رئيس التحرير
عصام كامل

مشاهد ترصد كواليس ما بعد تفجير كنيستي مارجرجس والمرقسية.. «تقرير»

انفجار كنيسة الاسكندرية
انفجار كنيسة الاسكندرية

صباح دامٍ، مفجع، وحزين، تحولت فيه الفرحة إلى أشلاء، والبسمة إلى دموع وآهات، والعيد إلى مأتم، لم يكن أحد يتوقع ما جرى يوم "أحد السعف" في طنطا والإسكندرية، خرجت الأسر المصرية القبطية من منازلها للاحتفال بالعيد، وإقامة الصلوات والشعائر بالكنائس، كانت الفرحة تغمر وجوه الأطفال والنساء والرجال، غير أن الإرهابيين الشياطين كانوا يكتبون فصلا جديدا في سجل الإرهاب الدامي.


عشرات الشهداء والمصابين سقطوا ضحية للهجوم الإرهابي الغاشم على كنيسة مار جرجس بمدينة طنطا في محافظة الغربية، عندما نجح انتحاري في التسلل إلى الكنيسة ليفجر نفسه وسط صفوف الأقباط أثناء حضورهم عظة "أحد السعف".

شارع على مبارك
هنا في شارع على مبارك بطنطا، حيث تقع كنيسة ماري جرجس والتي يترأسها الأنبا بولا أسقف طنطا وتوابعها والمتحدث باسم الكنيسة الأرثوذكسية تفوح رائحة الدم في كل الأركان والأشلاء في كل مكان والدماء على الأسفلت.. هنا رأيت كف يد شهيد مقطوعة وذراعا أخرى، وقد فارقت جسدها الذي تعبد لله وأدى القداس وهو رافع يديه إلى السماء.

لا تستطيع أن تعبر الممرات والأرصفة من الزحام الجماهيري، وسط حالة الحزن وآهات الأمهات ودموع الثكالى وصدمة رجال الأمن ونكستهم التي حلت على جميع المصريين.

وفي أقصى اليمين على سلم مستشفى طنطا الجامعي، تجلس سيدة في الخمسين من عمرها، حاملة بين يديها، ملابس بالية، لنجلها، الذي راح ضحية الحادث الإرهابي الغاشم، مرددة كلمات غير مفهومة وسط سيل من الدموع، قائلة: "عارفة أن ابني مات لكن نفسي أشوف جثته قدامي".

طفلة مكلومة وشاب غاضب
وفي مشهد آخر، تحاول طفلة لم تتجاوز العاشرة من عمرها، عبثا، البحث عن والديها، دون أن تعلم إن كان أبواها من بين الشهداء أم أن القدر أمهلهما رحمة بالصغيرة ليكونا من بين المصابين.

وفي ساعات الانفعال خرج أهالي الضحايا والمصابين ليحملوا الحكومة المسئولية، مطالبين برحيل وزير الداخلية اللواء مجدى عبدالغفار، وعدم الاكتفاء بإقالة مدير أمن الغربية، ومن فرط الغضب قرر أحد الشباب الغاضبين أن يحتج بطريقته الخاصة على ما جرى، حيث اعتلى أحد أكشاك الكهرباء أمام الكنيسة، وظل يردد الهتافات الغاضبة "الإرهابيين بيقتلونا".

أما سيارات الإسعاف فكانت تجول في الشوارع إلى مستشفى طنطا الجامعي أو مستشفى المنشاوي العام، وهنا في جامعة طنطا يسيل الدمع من عينيك رغما عنك.

هنا طامة كبرى أرملة ويتيم وأم وثكالى ينوحون ويبكون دما وأيديهم ملطخة بالدماء، بينما الدماء الزكية عطرت جميع ملابسهم، والكل يبحث عن دور لإنقاذ مصاب، أو تجهيز شهيد أو توفير أدوية.

الدم هو أكثر كلمة تسمعها وتراها، وليس دم الشهداء والمصابين فحسب بل دم المتبرعين الذين جاءوا من كل حدب وصوب يتبرعون للمصابين، وتحولت كل الأماكن لمشفى لاستقبال المتبرعين، هنا في المسجد عشرات بل مئات المتبرعين لا تستطيع أن تفرق بينهم حسب العقيدة الدين لله وكلنا إخوة وأقربهم مودة الذين قالوا إنا نصارى، هنا تلتحم الدماء وتختلط في عروق الوطن.

طفلة و3 ضباط
وفى الإسكندرية لم يختلف الوضع عن طنطا، فما كاد يستفيق المصريون من المشاهد المروعة للأشلاء البشرية، جراء الهجوم الإرهابي بكنيسة ماري جرجس، حتى هالهم فظاعة ما جرى على وقع هجوم مماثل أمام الكنيسة المرقسية بمنطقة الرمل التابعة لعروس البحر المتوسط.

أشلاء فوق أسطح العمارات
وكان المشهد الأبرز وصول أشلاء الضحايا إلى أسطح العمارات المجاورة للكنيسة المرقسية من شدة التفجير الذي وقع عقب عظة البابا تواضروس، وأدى إلى سقوط أكثر من 11 شهيدا و40 مصابا من بينهم 5 من رجال الشرطة، ما أعاد إلى أذهان الأقباط والمصريين عموما تفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية مطلع عام 2011.

"فيتو" التقت عددا من شهود عيان لترصد ما جرى، حيث قال جرجس صفوت، صاحب محل مجاور للكنيسة: إنه كان داخل محله هو وزوجته وفجأة سمعا صوت انفجار هائل ليخرجا ويكتشفا حدوث تفجير انتحاري على باب الكنيسة، ويريا أشلاء ودماء الضحايا وسط صرخات الجميع.

وأضاف صفوت عوض، أحد الأقباط: إنه كان داخل الكنيسة المرقسية حين سمع صوت انفجار ضخم، هز أرجاءها، وحطم النوافذ والمشغل والاستراحة المجاورة للبوابة، ليهرع إلى مدخل الكنيسة ويصاب بصدمة من هول ما رأى من أشلاء وجثث ودماء متناثرة في كل مكان.

هكذا علم البابا بالحادث
من جانب آخر، كشف مصدر بالكنيسة، أن كاميرا المراقبة رصدت تفاصيل عملية التفجير، حيث قام أحد الشباب بمحاولة الدخول من باب السيارات، ولكن الأمن منعه ووجهه للمرور من الباب الصغير، وأثناء متابعته من الضباط المكلفين بتأمين الكنيسة فجر نفسه ليسقط شهداء من قوة التأمين، وكل من كان متواجدا بمحيط الباب وكان من بينهم طفلة تناثرت أشلاؤها.

وكشف المصدر الكنسي، أن البابا تواضروس كان قد غادر الكنيسة قبل التفجير من باب آخر، ليذهب إلى طنطا لمتابعة التفجير الذي وقع هناك، وعلم بتفجير المرقسية وهو في الطريق.

"نقلا عن العدد الورقي"..
الجريدة الرسمية