مؤسسات الدولة لا تكافح الإرهاب!؟
الشعب المصري قضى يومًا حزينًا على الشهداء الأبرياء الذين فقدوا حياتهم أمس، بدون أي ذنب فالإرهاب الأسود لا يفرق بين دماء المصريين (مسلمين ومسيحيين) سواء في طنطا والإسكندرية أو سيناء، كل واحد منا قد يتعرض للاستشهاد في أي وقت، فالخطر ليس ببعيد عن الجميع، نحن في لحظة لا بد وأن نكون فيها صرحاء مع أنفسنا حتى ننجو ببلدنا في هذه المرحلة الأصعب في تاريخها.
لا بد من الاعتراف بأننا جميعًا مقصرين في مواجهة الإرهاب، وأن أجهزة الدولة تركت رجال الجيش والشرطة وحدهم في المعركة، وقالت لهم اذهبوا أنتم وربكم فقاتلوا ونحن هنا متفرجون، وأصبحت المواجهة أمنية فقط وهى ليست كذلك..
أين دور الأزهر والأوقاف والتعليم والشباب والثقافة والإعلام والفن والأحزاب والجامعات والمحليات في مكافحة الإرهاب، كل هذه المؤسسات دورها أهم من الأمن لأنه دور وقائي يسهم في منع حدوث الجريمة قبل وقوعها هذه الأجهزة التي تنفق عليها الدولة مليارات الجنيهات لا تقوم بواجبها إطلاقًا..
التعليم عندنا ما زال قائمًا على الحفظ والتلقين ولا يسهم في تكوين عقول متسامحة تتقبل الآخر وأيضًا المناهج فيها خلل حقيقي وغير مرتبطة بواقعنا المؤلم، بل إن المدرسة أحيانًا تكون فرصة الجماعات الإرهابية لتجنيد الطلاب، الفن معظم الأعمال الدرامية ترسخ للعنف والبلطجة وتجارة السلاح والمخدرات والانحراف، والفن الهادف أصبح بعيد المنال، أما الإعلام فمجرد رد فعل، وهو إعلام مناسبات ومحبط وليس له دور تنويري فلا يوجد لدينا برامج دائمة تهتم بنبذ العنف وغرس قيم التسامح في نفوس المواطنين ويكتفي في مثل هذه الأحداث بصور شكلية للشيوخ مع القساوسة ثم تعود ريما لعادتها القديمة..
الثقافة تمتلك قصورًا منتشرة في أنحاء الجمهورية هى شكل بلا مضمون ليس لها أي دور إطلاقًا عشرات الآلاف من الموظفين بلا عمل، مراكز الشباب في كل قرية ونجع مجرد مبانِ وفقط حدث عنها ولا حرج حتى الرياضة وكرة القدم تحرض على التعصب والعنف والكراهية، الأزهر والأوقاف فالائمة والدعاة ما زال فيهم من يكفرنا نحن المسلمون قبل إخواننا الأقباط والمناهج الأزهرية تحتاج إلى مراجعة، لأنها لا تساعد في تكوين عقلية نقدية متسامحة..
كما أن تأثير المتطرفين على الشباب والمساجد أكثر من رجال الأزهر والخطاب الديني شكل بلا مضمون ضرره أحيانًا أكثر من نفعه.
المحليات وما أدرك ما هى ودورها في تعطيل مصالح المواطنين ووضع العراقيل أمام المشروعات والتنمية والاستثمار وبالتالي انتشار البطالة والفقر، وسهولة استقطاب الشباب العاطل عن العمل وإغرائه بالمال من قبل الجماعات الإرهابية..
يجب أن يعلم كل المسئولين أن لهم دورًا في محاربة الإرهاب من خلال حل مشكلات المواطنين والقضاء على الفساد وتشجيع الاستثمار، نحن دولة تعيش على 5% من أرضها ونغلق على أنفسنا منافذ التعمير والتوسع، وهناك علاقة وثيقة بين الإرهاب والأزمة الاقتصادية وغلاء المعيشة والتكدس والعشوائيات وأخلاق الزحام هى منظومة متكاملة ومسئولية مشتركة بين كل مؤسسات الدولة بالقضاء على بذور الإرهاب والبيئة الحاضنة له فالوقاية أهم وأرخص وأفضل من العلاج الذي يكلفنا يوميا شهداء.
لا يمكن ترك الجيش والشرطة وحدهما في المعركة لو كل هذه المؤسسات قامت بدورها فلن نحتاج إلى الجيش والشرطة، لأننا نعالج المشكلة من جذورها، حتى المواطن أيضًا دوره مهم من خلال التعاون مع الأجهزة الأمنية بالمعلومات والإبلاغ عن المشتبه فيهم.
فمعلومة بسيطة قد تمنع جريمة كبيرة..
القضاء على الإرهاب لن يكون بالقانون وحده أو بتشديد العقوبة فقط أو بإحالة الإرهابيين إلى المحاكم العسكرية فمن يفجر نفسه لا يخاف من حكم الإعدام، لأنه مسلوب التفكير والإرادة وكلما قتلنا إرهابيًا أنتجت لنا البيئة الإرهابية عشرة آخريين.
اللهم ارحم الشهداء واحفظ مصرنا يا رب العالمين.
egyp1967@yahoo.com