أكادُ أشُكُّ فيكَ وأنتَ مِنِّى!
ــ هل قَدَر هذه الأمة فى هذا الوقت العصيب، أن تمرح فيها الضباع والثعالب والذئاب والكلاب الضالة، فتجهض ثورة قامت فى لحظة فارقة لتطهير الوطن من الطغيان والفساد والظلم والتخلف؟!.
القلب موجوع.. ويحاصرنى السؤال.. هل وصلت المؤامرة إلى نهايتها، أم بلغ الجنون مداه عند لحظة الانتحار والانهيار؟.
أحداث الأسبوع الماضى، هى انتهاك لكل الخطوط، وهرولة على غير هُدَى وسط حقول الألغام.
عندما نصل إلى حصار المساجد والكنائس، بل أم الكنائس"الكاتدرائية" إن جاز التعبير، فنحن أمام الجنون ذاته.
بيد أن المؤكد - فى يقينى - أننا أمام أبشع وأقذر مؤامرات التاريخ..الفاعل لايعنينى، بقدر مايعنينى المخطِّط والمحرِّض والنافخ فى نيران الفتنة الطائفية، التى يبدو أنها السطر الأخير، فى آخر مشاهد سيناريو الانتحار الجماعى للأمة.
لقد أدرك المحرضون أن حصار وقصف وحرق مؤسسات الدولة المدنية، كوزارة الداخلية، ودور المحاكم، ومقرات الأحزاب، ومنازل السياسيين، بل ومقر الرئاسة ذاته، كل ذلك لم يؤت ثماره، ولم يعد يُجْد نفعاً.. فإذا مااشتعلت فيها النيران، سرعان ماتصير رماداً، ولا يتخطى أثرها أبعد من عناوين الصحف وثرثرة الفضائيات، دون أن تتوقف الحياة أو حتى تضطرب.
لذلك كان القفز على كل المقدمات هو الخيار الجهنمى الأخير، ولتكن الحرائق فى المساجد والكنائس والذرائع ما أسهلها (لاحظ حكاية رسم الصليب المعقوف على المسجد بالخصوص بالذات!)..ثم يأتى دور الطرف الثالث الذى كان حاضراً بقوة، إذ تحدثت كل الأنباء الطائرة من مواقع الأحداث عن "مجهولين"!!
كنا أمام حزمة أخبار منشورة بنسق واحد..(مجهولون يطلقون النيران من فوق موتوسيكل على تجمع للمسيحيين عند كنيسة بالخصوص)..(مجهولون يطلقون الخرطوش باتجاه مسلمين ومسيحيين بالخصوص ويفرون فى سيارة بدون لوحات)..(مجهولون يرشقون الكاتدرائية بالحجارة والمولوتوف)..فهل هناك شك لديك الآن أن الحدث معجون فى التدبير والتآمر؟.
فى تقديرى لن ننجو كلنا من المحرقة، إلابنزول كل القوى إلى ساحات الأحداث الطائفية لحظة وقوعها، وأظنها لحظة فرز حقيقية، ليميز الخبيث من الطيب، "والمجهول" من المعلوم، هذا لو خلصت النوايا لحماية النسيج الوطنى الواحد من الفتن الطائفية المصنوعة, ومن الدعوات العنصرية، والمجموعات المسلحة (المجهولة!) الخارجة على القانون.
النار لن تفرق بين مسلم ومسيحى، وإذا انهار سقف التعايش الذى نستظل بظله، فسوف يسقط على رؤوس الجميع.. اللهم ارحم المسلمين من بعض المسلمين، وارحم المسيحيين من بعض المسيحيين.. وارحم المصريين من بعض المصريين.. ذلك أن الطرف الثالث مصرى، ومايولمُنى أننى أشك فيه وهو مِنِّى!.