رئيس التحرير
عصام كامل

مصر بين دولة السيسى ودولة الجماعة 30


لطالما بجلت علم بلادى ولا زلت، ناظراً إليه على أنه الرمز الوطنى بشمول الهوية المصرية الجامعة، مُعبراً عن كل من يحمل الجنسية المصرية، سواءً كان مُسلماً أو مسيحياً أو حتى مُلحداً.


فمن يُحاسب على إيمان البشر هو الله، وليس أحداً من البشر، ومن يحاسبهم على أخلاقهم، هو من يتعرض لسوءاتها.. أما فى الدولة، فالسيادة للقانون فقط، ويتساوى الجميع أمامه، وليس منا من يمثل الله على الأرض وبالذات إن كان الحديث عن الكاذبين والمُخادعين من إخوان أو سلفيين مُسيسين، بدرت منهم انحرافات حادة!!.

ومصر أمة من الأمم القليلة فى المنطقة، وهو ما يعنى انسجام التركيبة السُكانية فيها عبر القرون وانعدام وجود فوارق كبيرة بها، وثبات خريطة الدولة على مدى تاريخها بحيث لم تتغير فى أساسها أبداً على مدى الزمن، منذ أن ذُكرت فى التوراة أو الإنجيل أو القرآن.

تلك أمور ثابتة لا يمكن أن يُماطل فيها أحد، ولن يغيرها أى شىء، لأنها مغروسة فى وجدان التكوين المصرى الأصيل، ولا يمكن لأحد أن يؤثر عليك ديناً طالما تعرف دينك، إلا أنه منذ أن انتشرت تكنولوجيا الكاسيت ثم الفضائيات ثم السى ديهات، وهناك من يضعون سيف النص مُسلطاً على الناس موحين لهم بجهلهم الدينى.. ولو أن المُتعلمين وقفوا ضد كل من يريد أن يختطف من المصريين هويتهم الوطنية بتخويفهم بالدين لما كان هذا الانتشار المُرعب قد حدث من المُتاجرين بالدين، ولكن انصياع المتعلمين قبل الأُميين، هو الذى أفرز تلك الحالة من التجهيل الدينى والوطنى!.

وقد كان مُلاحظاً فى بداية نكسة 25 يناير أن البلاد لم تتعرض لأية حالة من حوادث الفتنة الطائفية وقتها، وقد أكد من وصفهم الإعلام بالثوار على ذلك، إلا أن السبب كان واضحاً، حيث لم نلتفت إلى أن مُحركى التطرف الطائفى كانوا فى ميدان التحرير وكانوا جزءًا من هؤلاء المُتظاهرين، ولا يُمكن أن ننسى كيف دافع المُتظاهرون عن الإخوان بشدة، وأقنعونا أن لولاهم فى موقعة الجمل، لما نجحت تلك المدعوة ثورة!!.

إلا أن فتنة الإقصاء "بقوائم سوداء" وبتفريق المصريين بمُصطلحات مثل "فلول" و"ثوار"، كانت تحمل فى حد ذاتها البذرة المدنية المُصحابة للفتنة الطائفية، حيث الفتنة فى حد ذاتها ما هى إلا نوع من الاستقواء بثقافة الأكثرية ضد الأقلية، وقد ظن المُتظاهرون، خطأً، أنهم أكثرية فى هذا الوطن!!.

وكنت فى انتظار انفجار تلك الفتنة الطائفية بشكل أشد، لأننى وحينما أديت واجبى وقرأت عن خطة النكسة التى صيغت لمصر من خارجها، وجدت أنها يجب وأن تُظهر الفتنة الطائفية لتُنفذ خطتها المحاولة لتقسيم مصر، فكانت "موقعة ماسبيرو"!!.


وقد أوضحت النتائج الأولية لتقصى الحقائق فى واقعة ماسبيرو أن المدرعة التى داست المواطنين المسيحيين، كان يقودها أحد "المُتظاهرين" بعد أن تم ضرب الجندى السائق وأُخرج منها، وكان الهدف مُضاعفا وقتها، لإحداث شعور بأن الجيش هو الذى يستهدف المسيحيين فى مصر، وليس فقط المُسلمون، وكان هذا مؤكداً لخطة "عوديد يونين" الإسرائيلى فى 1982، لتقسيم المصريين على خلفية دينية.

وعلينا هنا ألا ننسى أيضاً، أن التاريخ المصرى منذ السبعينيات، يؤكد بأن تلك الحوادث الخاصة بالفتنة الطائفية، قد ارتبطت بحرية العمل السياسى للإخوان منذ السبعينيات، أكثر من أى شىء مضى، بالإضافة إلى ترك الشارع المصرى فارغاً من أى تأثير جاد للأزهر الشريف، ومع إطلاق الحرية للشيوخ للحديث فى شئون الدين بمعزل عن أى رقابة للدولة!!.

فما بالكم والإخوان قد نفذوا "ثورة" بواجهة مدنية، ثم حكموا البلاد؟!.

وللحديث بقية..

والله أكبر والعزة لبلادى..

وتبقى مصر أولاً دولة مدنية..
الجريدة الرسمية